L'âge de la Renaissance : une très brève introduction
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
سرعان ما أدركت الكنيسة الرومانية أن الفن الانتصاري لم يكن إجابة للأسئلة التي أثارها البزوغ القوي للبروتستانتية الأوروبية الشمالية. ففي عام 1545، عقد البابا بولس الثالث مجمع ترنت لإصلاح الكنيسة ودحض اللوثرية. وعلى مدار الثمانية عشر عاما اللاحقة، وضع المجمع مراسم شكلت أساس الإصلاح الكاثوليكي المضاد. وقد أعاد المجمع التأكيد على قدسية الأسرار السبعة واستحالة الشكلين والمطهر والسلطة البابوية، كما أكدت على توقير القديسيين والرفات وشراء صكوك الغفران، وقامت كذلك بإصلاح المساوئ التي أغضبت لوثر للغاية. أصلحت الدرجات الكهنوتية الدينية، وتأسست معاهد دينية لتدريب القساوسة، وكان من المتوقع أن يتبنى الأساقفة اتجاها يتسم بقدر أكبر من روح المبادرة لإدارة الأبرشيات المسئولين عنها. كما صادق المجمع على تأسيس مجتمع يسوع في عام 1540 (المشهور باسم نظام اليسوعيين) بقيادة الإسباني إجناطيوس لويولا، وتأسيس محاكم التفتيش الرومانية في 1542 التي تعقبت المهرطقين والمصلحين.
شكل 3-4: اللوحة الجصية «منحة قسطنطين» رسمتها ورشة عمل رافاييل في الفاتيكان بين عامي 1523 و1524، ويتجلى الصراع الديني من خلال محتواها الإمبراطوري وأسلوبها المتكلف العدواني.
4
كما وجه المجمع انتباهه إلى الناقل الأكثر خبثا للإصلاح البروتستانتي؛ ألا وهو الكتاب المطبوع. ففي عام 1563، أصدر المجمع قائمة بالكتب الممنوعة التي اعتبرت «هرطقية»، مصرحا بأنه «لو أن أي شخص قرأ أو امتلك كتبا ألفها هراطقة أو كتابات لأي مؤلف مدانة ومحرمة بسبب الهرطقة أو الشك في تقديم تعاليم خاطئة، فإنه يجلب على نفسه فورا عقوبة الحرمان الكنسي». وقد منعت تلك القائمة آلاف الكتب بدءا من أعمال لوثر وزوينجلي وكالفن، وكذلك أعمال مكيافيلي وكتابات مختارة من تأليف إراسموس. لقد أذعن مجمع ترنت ضمنيا بقوة الكتاب المطبوع (جزئيا من خلال تمويل المطابع الكاثوليكية لنشر النصوص القديمة)، ولكن على حساب تأسيس إحدى أولى المحاولات الحديثة للمراقبة الجماعية.
كان خليط مجمع ترنت الحماسي الذي جمع بين الإصلاح والتقوى والقتالية والقمع ناجحا بصورة واضحة. فمع نهاية القرن السادس عشر، أشارت التقديرات إلى أن حوالي ثلث جمهور الكنيسة الذين فقدتهم روما قد عادوا مرة أخرى إلى كنيستهم الأم نتيجة للإصلاح المضاد. ولكن موقف المجمع من الالتزام الديني والكتب وحتى الصور الدينية أدى إلى مزيد من الاستقطاب في المشهد الديني في أواخر القرن السادس عشر. لقد أكد مجمع ترنت على الفجوة المتسعة بين أيديولوجية البروتستانتية والكاثوليكية، وفي هذه الأثناء مهد الطريق للحروب الدينية التي ستندلع في النصف الثاني من القرن، والتي ستعيد تحديد شكل أوروبا.
بحلول عام 1600، كانت أوروبا قد تغيرت تغيرا جذريا، من مجرد مجموعة غير محددة الملامح من دويلات المدن والإمارات التي كانت لا تشير إلى كيان «أوروبا» في عام 1400. فحددت الولايات القومية والإمبراطوريات العالمية الناشئة البرنامج السياسي؛ أما سلاسة الصدامات الدينية والتبادلات بين الشرق والغرب، فقد تصلبت لتشكل الأنظمة العقائدية الكاثوليكية والبروتستانتية والإسلام، والتي لكل منها برنامجه الخاص. وقد أذن هذا بمولد المؤسسة الحديثة للدولة، وظهور النزعة القومية التي صاحبتها. وعلى مدار القرون الثلاثة التالية، استمرت القوى الإمبراطورية العظمى في أوروبا في ادعاء حقها في معظم أجزاء الكرة الأرضية التي تم اكتشافها حديثا. لكن تراث تلك الفترة كان أيضا عبارة عن سلسلة من الصراعات الدينية والسياسية التي يبدو أنها غير قابلة للحل في أقاليم متنوعة مثل أيرلندا والبلقان والشرق الأوسط، والتي ترجع أصولها إلى التصادم بين الكنيسة والدولة الذي حدث للمرة الأولى في عصر النهضة.
هوامش
الفصل الرابع
عوالم جديدة
في عام 1482، نشرت إحدى المطابع في مدينة أولم الألمانية طبعة جديدة من كتاب بطليموس «الجغرافيا»، وصورت خريطة العالم التي جاءت بالكتاب شكل العالم كما كانت تعرفه الصفوة الحاكمة في أوروبا في القرن الخامس عشر. وكان بطليموس قد وضع كتابه في الإسكندرية في القرن الثاني الميلادي. أما الدارسون العرب، فقد حافظوا على النص، وراجعوه قبل ترجمته إلى اللاتينية بنهاية القرن الرابع عشر. أما الجغرافيا المسيحية في العصور الوسطى فقد كانت مقصورة على الخرائط التخطيطية المعروفة باسم «خرائط العالم»، والتي كانت رموزا دينية للفهم المسيحي للخلق، فكانت تضع أورشليم (القدس) في مركز تلك الخرائط، دون محاولات جادة - إن وجدت محاولات من الأساس - لفهم أو تمثيل العالم الأكبر. جاء كتاب بطليموس «الجغرافيا» ليغير مفاهيم القرن الخامس عشر عن شكل وحجم الأرض؛ فقد سجل الكتاب ووصف أكثر من ثمانية آلاف مكان، علاوة على شرح كيفية رسم الخرائط الإقليمية والعالمية. أما الشبكة الهندسية لخطوط الطول ودوائر العرض التي استخدمها بطليموس حول العالم المعروف، فقد قدمت النموذج الذي استخدمته رحلات التجارة والاكتشاف في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتي بدأت في تشكيل الصورة الحديثة عن الكرة الأرضية، وهي تشكل أساس هذا الفصل.
Page inconnue