قربت رأسها من المكتب حتى مست خصلات شعرها الأسود حافة الغطاء البلوري، وهمست: هناك شيء واحد يجمع بيننا في هذه الهموم.
تمتم وهو يبذل طاقة كبيرة للسيطرة على انفعالاته: إني مصغ إليك بكل جوارحي. - هذا الشيء هو حبنا لحمدون!
تراجع حتى ارتطم مؤخر رأسه بجدار الحقيقة الباردة، وقال: طبعا. - تحدث أشياء غريبة في بيتنا من شأنها أن تهدد حياتنا وعملنا ومستقبلنا. - ترى ما هي هذه الأشياء الغريبة؟! - هل سمعت عن «أبناء الغد»؟ - أجل. - بعضهم يتسللون إلى شقتي من تحت البواكي كل ليلة. - كيف؟ - عقب عودتنا من المسرح والشرطة نائمة، أو هكذا يتوهمون! - لا أكاد أفهم شيئا. - إنهم متمردون على كل شيء ومطاردون. - ومتهمون باغتيالات معروفة! - هذه هي المسألة. - أتعنين أن حمدون ...؟
ولاذ بالصمت، فقالت وهي تتنهد: نعم، حسبت الأمر مجرد تعاطف قلبي حتى اختاروا شقتنا مكانا لاجتماعهم، وعبثا حاولت منع ذلك، فضلا عن إقناعه بالتخلي عنهم.
فتمتم عزت متفكرا: إنه شيء خطير حقا. - لذلك ألجأ إليك.
فتساءل في حيرة: تعنين أن أفاتحه في الموضوع؟ - أعندك رأي آخر؟ - ألا يغضب لإفشائك سره؟
فقالت بسرعة: لا يجوز أن يعرف ذلك!
فكيف أفسر له معرفتي بالأمر؟ - لا أدري ... ولكن أبعد ظنه عني!
نظرت في ساعة يدها. نهضت وهي تقول: اعتمادي بعد الله عليك.
وسرعان ما غادرت الحجرة.
Page inconnue