Casjad Masbuk
العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك
Genres
سار 44 علاء الدين خوارزم شاه الى قتال الخطا وعبر بهم 45 نهر جيحون، وكان سبب ذلك أن الخطا لما طالت ايامهم وثقلت وطأتهم على ماوراء النهر، وصار لهم في كل مدينة نائب يجبي لهم 46 الاموال وكان سلطان سمرقند وبخارا يلقب خان خان [يعني] 47 سلطان السلاطين وكان عريق النسب في الاسلام والملك أنف وضجر من تحكم الكفار، على اهل دين الاسلام، فارسل الى خوارزم شاه يقول له ان الله عز وجل قد اوجب عليك بما اعطاك من سعة الملك وكثرة الجنود أن تستنقذ المسلمين وبلادهم من ايدي الكفار، ونحن نتفق معك على محاربة الخطا ونحمل اليك ما نحمله اليهم، ونذكر اسمك في السكة والخطبة فاجابه الى ذلك فشرع خوارزم شاه في تقرير أمر خراسان فولى اخاه علي شاه على طبرستان مضافة الى جرجان، وولى الامير كزلك خان وهو من اقارب والدته واعيان دولته بنيسابور، وولى الامير جلدك مدينة الجام 48 واعمالها وولى الامير امين الدين ابا بكر مدينة زوزن 49، وكان هذا الامير الملقب امين الدين جمالا 50 ثم صار من اكبر الامراء وأقر الامير الحسين بن خرميل على هراة وجعل معه الف فارسل من الخوارزمية، وصالح غياث الدين محمود على ما بيده من بلاد الغور، واستناب في مرو وسرخس وغيرهما من خراسان نوابا وامر الولاة والنواب بحسن السياسة والحفظ والاحتياط. فرأى ابن خرميل صاحب هراة سوء معاملة عسكر خوارزم شاه للرعية وتعديهم الى اموال الناس، فقبض عليهم وحبسهم 51116/ 7 ب/وبعث رسولا الى خوارزم شاه يعرفه ما صنعوا، فعظم ذلك عليه، ولم يمكن محاققته لأشتغاله بقتال الخطا، فكتب اليه خوارزم شاه يستحسن ما فعله ويأمره بانفاذ الجند الذين قبض عليهم لحاجته اليهم، وقال له في كتابه انني قد أمرت عز الدين جلدك بن طغرل 52 صاحب الجام 53 أن يكون عندك لما أعلمه من عقله وحسن سيرته، وارسل خوارزم شاه الى جلدك يأمره بالسير الى هراة، وأسر اليه أن يحتال في القبض على ابن خرميل ولو أول ساعة يلقاه فيها، فسار جلدك الى هراة في الفي فارس فلما قرب من هراة أمر ابن خرميل الناس بالخروج لتلقيه، وكان مع ابن خرميل وزير له يعرف بخواجة الصاحب، وكان كبيرا قد حنكته التجارب، فقال لابن خرميل لا تخرج الى لقائه ودعه يخرج اليك منفردا، فانني اخاف أن يغدر بك وان يكون خوارزم شاه قد امره بشي ء. فقال ما اظنه يتجاسر علي، فخرج اليه الحسين بن خرميل، فلما بصر كل واحد منهما بصاحبه ترجلا للالتقاء، وكان جلدك قد أمر اصحابه بالقبض عليه فاحتاطوا بينهما وحالوا بين ابن خرميل واصحابه وقبضوا عليه فانهزم اصحابه ودخلوا المدينة، واخبروا الوزير بالحال، فأمر باغلاق البلد والطلوع الى الاسوار واستعدوا للحصار ونزل جلدك على البلد وارسل الى الوزير يبذل له الامان ويتهدده ان لم يسلم البلد. فنادى الوزير بشعار غياث الدين الغوري، فأمر جلدك بقتل ابن خرميل، وكتب الى خوارزم شاه يخبره 54 عليه الأمر، فكتب خوارزم شاه الى كزلك خان أمير نيسابور والى امين الدين ابي بكر صاحب زوزون يأمرهما بالمسير الى هراة وحصارها، فسارا في عشرة الاف فارس ونزلوا على هراة، وراسلوا الوزير بالتسليم، فلم يلتفت اليهم وقال اذا وصل خوارزم شاه، سلمتها اليه، فقاتلوه وجدوا في قتاله فلم يقدروا عليه، واما خوارزم شاه فانه لما توجه الى قتال الخطا جمع عساكره من كل مدينة وسار الى خوارزم ثم عبر جيحون، واجتمع 55 بسلطان سمرقند وسمع الخطا بمسيره اليهم فاحتشدوا وجمعوا وساروا باجمعهم اليه، فحصلت بينهم وبينه عدة وقعات كثيرة، فتارة له وتارة عليه فانهزم المسلمون في يوم من الايام هزيمة عظيمة قتل فيها خلق كثير من المسلمين وأسر كزلك، ومن جملة من اسر ذلك اليوم خوارزم شاه واسر معه امير كبير يقال له شهاب 56 الدين مسعود، اسرهما رجل من الخطا فوصل المنهزمون الى خوارزم ولم يروا السلطان معهم، فارسلت أخت كزلك خان الى اخيها، وهو على حصار هراة تعلمه الحال، فلما اتاه الخبر سار عن هراة ليلا الى نيسابور وكان خوارزم شاه قد خرب سور نيسابور حين ملكها من الغورية فشرع كزلك خان في عمارته وادخل اليها الميرة واستكثر من الجند وعزم على الاستيلاء على خراسان ان صح فقد السلطان. وبلغ خبر عدم خوارزم شاه الى اخيه علي شاه وهو بطبرستان، فدعا الى نفسه وقطع خطبة أخيه واستعد لطلب السلطنة واختلطت خراسان اختلاطا عظيما 57.
Page 317