S
على سطح بلاطة زرقاء مربعة.
رفعت إلينورا ذراعيها إلى حافة المغطس، وأمالت رأسها إلى الخلف وتركت السيدة داماكان تكسو شعرها برغوة من الصابون. لم تكن لديها فكرة عما ستفعله الآن، فبلا دروسها كان المستقبل يمتد أمامها كالأمواج، والأسابيع والشهور تعلو وتهبط في محيط غير متمايز من الوقت. لم تندم على ما فعلته؛ فقد قامت بالفعل الصحيح، ولكنها كانت حزينة على فقدان دروسها، وخشيت أن يكون اتهامها خاطئا. ربما تخيلت أن الكاهن يفتح ذلك الدرج، وربما كان فضوليا فحسب. استرخت مع حركة الرغوة، وتركت كتفيها تنحنيان للأمام، ولفت ذراعيها حول ركبتيها. وفي شفافية الحمام المعتمة، استطاعت أن ترى الخطوط العريضة لصورتها في المرآة وقد فرك جسدها حتى أصبح وردي اللون، وعلا رأسها برج من الشعر المكسو بالصابون الأبيض كما لو كان كعكة نمساوية، وخطر في بالها ورقة الزنبق وذقنها يلمس سطح الماء. «إلينورا.»
نطقت السيدة داماكان اسمها بعناية، كما لو كان كتابة منقوشة على ظهر تميمة سحرية. رطبت شفتيها بلسانها، وجذبت مقعدها إلى الواجهة الأمامية للمغطس. وكان غطاء رأسها قد أزيح للخلف أكثر من المعتاد، كاشفا عن شعر أبيض خشن تتخلله خصلات من الشعر الأسود.
قالت: «لقد قمت بالفعل الصحيح، لقد قمت بالفعل الصحيح.»
لم تدر إلينورا كيف علمت الخادمة العجوز بما حدث، ولكن تصريحها الشديد الثقة بأن إلينورا قد قامت بالفعل الصحيح قد أزال شكوكها، في الوقت الحالي على الأقل.
رددت السيدة داماكان: «لقد قمت بالفعل الصحيح.»
وعندئذ وقفت وجذبت السدادة، ثم جمعت أغراضها سريعا وتركت إلينورا وحيدة تراقب مياه الاستحمام وهي تدور في دوامة وتهبط في المصرف. وعندما اختفت المياه الرمادية العكرة، سرت قشعريرة من كتفيها إلى ركبتيها، وانتصب شعر جسدها بأكمله.
الفصل السادس عشر
لم يغير انتهاء دروس إلينورا كثيرا من روتينها اليومي، فظلت تستيقظ في الموعد نفسه، وتستحم ثم تنزل من غرفتها كي تتناول الإفطار مع البك، وتقضي أمسياتها غالبا جالسة في مقعدها أو على مكتب الكولونيل وهي تلف خصلة من شعرها حول أصبعها بينما تقرأ. كانت مكتبة البك ضخمة بما يكفي كي تشغلها لعدة أعوام مقبلة على الأقل، ولكن دون أن يكون الكاهن مولر خلفها ودون الحث المستمر من معلمها، وجدت التركيز صعبا بالنسبة إليها. وبينما كانت تقرأ وهي تتجول في سجلات التاريخ القديم والخطابة، مستخرجة المنافسات والنزاعات التافهة الخاصة بالقرون الماضية، كانت أفكارها كثيرا ما تشرد بعيدا عن النص الموجود في متناول يدها. حتى القراءات الخفيفة؛ مثل مجموعة الروايات البوليسية التي وجدتها بجوار «الأعمال الكاملة لبلزاك»، كانت تجد صعوبة في الانتباه الكامل إليها.
Page inconnue