127

La Voyante d'Istanbul

عرافة إسطنبول

Genres

تجولت إلينورا في منزل البك بلا هدف محدد في ذهنها. سارت متمهلة حتى القاعة الكبرى يحدق إليها آل باركوس بنظرة متجهمة، مارة بالمكتبة والمرسم. لم تشعر قط بالوحدة إلى هذا الحد من قبل، ولأول مرة فهمت ما كان يعنيه الجنرال كرزاب عندما اشتكى من «عبء المسئولية الثقيل؛ ذلك النير المرهق الذي يسعى صفوة البشر كي يحملوه على عاتقهم.»

الفصل السادس والعشرون

بسط فخامة السلطان عبد الحميد الثاني منديلا من القماش الأبيض على ساقيه، وخفض أنفه إلى طبق الدجاج المشوي البارد على المائدة أمامه. رغم أنه كان يفهم جيدا أهمية آداب التصرف والعظمة الملكية والبروتوكول، فإن الاهتمام المتواصل بالشكليات أحيانا ما يصيبه بالتعب. وأحيانا لم يكن فخامته يرغب إلا في تناول طبق كامل من الدجاج المشوي البارد بيديه، وهو ما كان ينوي فعله بالضبط، فهو السلطان على أي حال. ابتسم لنفسه ابتسامة عريضة مستشعرا الرفاهية المثلى في تناول تلك الوجبة البسيطة، وفصل ساق الطائر المسكين عن جسده ثم غاص بأسنانه في اللحم. كانت الدجاجة مشوية على طريقة إيجه، ومتبلة بمعجون الجوز الحلو، حتى وهي باردة كان جلدها مقرمشا. وبعد أن فرغ عبد الحميد من التهام الساق استخدم كسرة من الخبز المسطح كي ينتزع اللحم من الصدر والظهر والجانب السفلي.

وعندما فرغ من التهام الدجاجة، ترك هيكلها محطما على الطبق كما لو كانت عاهرة ملقاة على قارعة الطريق. مسح يديه ووضع المنديل فوق العظام الخالية، ثم اتكأ في مقعده حاملا قدحا من الشاي بالنعناع. وأطلق لنفسه العنان للاستغراق في حلم يقظة قصير قبل أن يشرع مرة أخرى في تناول المجلد الثاني من «الساعة الرملية». كان بالفعل كتابا رائعا مليئا بالأحداث والعلاقات المركبة والرومانسية والكبرياء والطمع. كانت ترجمة مثل هذا العمل الأدبي العظيم خدمة لرعاياه وفخرا للغة التركية. وكانت مفيدة أيضا من حيث متعته الشخصية في القراءة، ولكن تلك نتيجة ثانوية، مجرد مكافأة إلهية على كرمه. رفع عبد الحميد الكتاب بين يديه مستندا على بطنه، وسرعان ما استغرق في خواطره. وبينما كان مستغرقا في مشهد المعركة الرهيب بالقرب من نهاية المجلد، الذي يعلم فيه الملازم براشوف بوفاة شقيقه المزعومة؛ لم يسمع السلطان صوت الباب وهو يفتح. «فخامة السلطان.»

كان ذلك الصدر الأعظم الذي دخل وهو يلوح بجريدة مطوية كما لو كانت سيفا. «ماذا هناك؟» «فخامة السلطان، أعلم أنك طلبت ألا يزعجك أحد، ولكنني أعتقد أنك سوف تهتم برؤية ذلك.»

اعتدل السلطان وجذب المنديل مغطيا عظمة دجاجة مكشوفة، ثم انحنى على المائدة كي يأخذ الجريدة من يد مستشاره الممدودة إليه.

قال وهو ينظر إلى العنوان: «عرافة إسطنبول؟ ما هذا؟ مقال افتتاحي يطالب باستقالتي؟ مطالبة أخرى بالحرية الدينية؟» «بل أسوأ كثيرا يا فخامة السلطان، إذا لم تمانع في أن أقول ذلك.»

قرأ السلطان الفقرة الأولى التي استغرقت منه بعض الوقت؛ إذ لم يكن متمرسا في اللغة الإنجليزية. سعل جمال الدين باشا ووضع يديه أمام جسده.

قال وهو يشير من بعد: «لقد شعرت بالاستياء تحديدا من الجزء الذي يتناول والدة فخامتك، في منتصف الفقرة الرابعة.»

فقرأ السلطان بصوت مرتفع. «ويشيع البعض أنها متحالفة مع والدة السلطان نفسه.»

Page inconnue