Carl Buber : Cent ans d'illumination
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Genres
ليصور الغايات والأهداف التي تجعل من الإنسان «شخصا أخلاقيا موحدا واعيا». هذه الفكرة عن خطة حياة من صنع الإنسان تنتمي إلى العالم 3 أقترح لها شيئا من التعديل، فليست وحدة خطة الحياة أو ثباتها هو ما يلزم لتأسيس وحدة النفس، بل حقيقة الأمر أن وراء كل فعل يتخذ هناك خطة، هناك مجموعة من التوقعات (أو من النظريات)، والأهداف والاختيارات؛ خطة مفتوحة للتطور والنضج وربما للتغيير الجذري على أثر استبصار نظري جديد مثلا. هذه الخطة النامية هي، بحسب رولز، ما يسبغ الوحدة على الشخص ويحدد طابعه الأخلاقي إلى حد كبير. وهذه الفكرة قريبة الشبه جدا من فكرة بوبر القائلة بأن أنفسنا «ترسو» في العالم 3، وإن كان بوبر يؤكد بدرجة أكبر، إلى جانب أهدافنا وخياراتنا، على توقعاتنا ونظرياتنا عن العالم (العالم 1، 2، 3) التي يعتنقها الشخص منا في وقت بعينه. إن امتلاكنا لمثل هذه الخطة «المتغيرة»، أو لمجموعة النظريات والخيارات، هو ما يجعلنا نتخطى أنفسنا، أي نتجاوز رغباتنا وميولنا الغريزية.
ثمة جانب بطولي كبير في الحياة الإنسانية، وأعني به تلك الأفعال التي تتسم بالعقلانية غير أنها تهدف لأشياء تصطدم مع مخاوفنا، ومع غريزة الأمن والسلامة بداخلنا.
انظر إلى تسلق الجبال الشاهقة، إفرست على سبيل المثال، إنه يبدو لي دائما تفنيدا لافتا لوجهة النظر المادية على الإنسان. فأن تجابه الصعاب لذاتها وتواجه الأخطار الماحقة من أجل ذاتها فحسب، وتمضي في ذلك إلى حد الإنهاك التام: كيف يمكن لهذه الأفعال المضادة لغرائزنا الطبيعية أن تفسر في ضوء المذهب الفيزيائي أو السلوكي؟ لعل المذهبين أن يفسرا حالات قليلة يطمح فيها المخاطر إلى المجد والشهرة. غير أن هناك كثيرا من المتسلقين يزدرون الشهرة ولا يبالون بالصيت. إنهم يعشقون الجبال، ويحبون قهر الصعاب من أجل قهر الصعاب، إنه جزء من خطة حياتهم.
أليس شيء شبيه بذلك هو جزء من خطة حياة كثير من عظام الفنانين والعلماء؟ وأيا ما كان تفسير ذلك، حتى لو كان التفسير هو الطموح، فهو ليس تفسيرا فيزيائيا. بل يبدو التفسير لي هو أن العقل - بشكل ما - الذات الواعية ... قد تمت لها السيادة وتولت زمام الأمر.
36
ومجمل مذهب بوبر في النفس أن ليس هناك شيء من قبيل «الجوهر النفسي»
الذي يوجد بمعزل عن الجسم.
37
غير أن الحديث عن نفس جوهرية على سبيل الاستعارة هو أمر لا بأس به على الإطلاق، خاصة إذا حرصنا على أن نستبدل بالجوهر «عمليات» كما تنبأ هيراقليطس. إننا بالتأكيد نخبر أنفسنا ك «جوهر»، بل يبدو أن فكرة الجوهر نفسها مستمدة من هذه الخبرة، وهو ما يفسر لماذا تبدو هذه الفكرة شبيهة جدا بفكرة الروح. ولعل أسوأ ما في هذه الاستعارة هو أنها لا تبرز الطبيعة الناشطة للنفس. وإذا كان المرء من الرافضين لمذهب الماهية
Essentialism
Page inconnue