Carl Buber : Cent ans d'illumination
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
Genres
بوسعنا أن نقول إذن إن نتائج الفيزياء الحديثة تهيب بنا أن نتخلى عن فكرة الجوهر أو الماهية، فليس هناك شيء من قبيل الكيان الثابت الدائم عبر الزمن من وراء جميع التغيرات (وإن كانت أجزاء المادة تفعل ذلك في الظروف العادية)، وليس هناك جوهر باق يحمل خصائص الشيء أو صفاته، فالعالم الآن لا يبدو أنه تجمع من الأشياء، بل مجموعة من «الأحداث»
Events
و«العمليات»
(كما أكد ألفرد نورث هويتهد
A. N. Whitehead
بصفة خاصة).
بذلك يسع الفيزيائي الحديث أن يقول بأن الأشياء المادية - الأجسام، المادة - لها بنية ذرية، ولكن الذرات لها بنية بدورها، وهي بنية يصعب أن نصفها بأنها «مادية»، ومن المتيقن أنها ليست «جوهرية»
Substantial ، هكذا يمكن القول، من خلال برنامج تفسير بنية المادة، بأن الفيزياء تحتم عليها أن تتجاوز المادية، لقد صارت (إلى جانب الجسيمات التي لم تعد مادة بالمعنى القديم) تتعامل أيضا مع «حقول القوى»
Fields of Forces ، ومع شتى صور الطاقة الإشعاعية، وصار بعض الماديين الجدد يسمون أنفسهم «أصحاب النزعة الفيزيائية»
، والبعض الآخر احتفظوا بالتسمية القديمة واكتفوا بأن يضفوا عليها المعنى الجديد، غير أنهم جميعا ظلوا على قناعتهم بأن الإنسان (والحيوان عامة) آلة، وكل ما فعلوه أن استبدلوا بالآلة الميكانيكية القديمة آلة جديدة قوامها العمليات الكهروكيميائية.
Page inconnue