============================================================
ولصعوبة أمرها قال القطب العيدروس نفع الله به: أجمع الصوفية على أن الحجب بين العبد وربه تفسه، أعاذنا الله بقدرته من شرها آمين. ومن ثم قال الله تعالى لبعض أحبائه: اترك نفسك وتعال.
الفرق بين هواجس النفس ووساوس الشيطان: واعلم أنه قد فرق العارفون رضي الله عنهم ونفع بهم بين هواجس النفس وهي خواطرها الطالبة حظوظها وبين وساوس الشيطان مع أنهما يشتركان في الشر، وقالوا: إن النفس إذا ألقت الخاطر لطلب شيء تقيم عليه حتى تصل إلى مرادها، ولا ترضى بدون الوصول إلى ذلك الأمر المعين، وإن الشيطان إذا دعاه إلى زلة ولم يجبث يوسوس بأخرى من غير إلحاح على الأولى ولا الأخرى، إذ لا غرض له في تخصيص زلة دون أخرى حتى يلج في زلة معينة، بل مراده الإغواء كيف أمكن فإذا لم يمكن بواحدة وسوس بأخرى.
وئقاس على هذا الفرق بين خاطر الحق وخاطر الملك، فإن الملك كان غرضه الإرشاد، فإذا لم يمكنه تحصيله أخذ يلهم بأخرى، وأما الحق فإنه في القاء الخاطر لعلمه بصلاح العبد وعنايته يلح عليه، لكن لا كالحاح النفس، بل يعقب بخاطر آخر.
وتكلم العارفون رضي الله عنهم في الخاطرئن إذا كانا من الحق بأن كانا خاطري خير، وكان عليهما نوع إلحاح أئهما يتبع الأول أم الآخر؟
فقيل: يتبع الأول، لأنه لما كان خاطر الحق فلا بد أن يبقى إلى خطور الثاني وبعد الثاني، فيكون محل التأمل فيحصل فيه العلم بأنه إهي، بخلاف الثاني فإنه قل التأمل فيه، فلا يتم العلم به إذ شرط العلم التأمل.
Page 27