56

Soins des musulmans pour la langue arabe au service du Saint Coran - Suleiman bin Ibrahim bin Muhammad Al-Ayed

عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم - سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد

Maison d'édition

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة

Genres

أحكم فيه برأيٍ، أو أقضي عليه بتأويل" (١) .
وقد وصف هؤلاء الّذين عناهم بكتابه، فقال: "وقد اعترضَ كتاب الله بالطعن ملحدون، ولغوا فيه وهجروا، واتبعوا ﴿ما تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: ٧] ثمّ قضوا عليه بالتناقض، والاستحالة، واللّحن، وفساد النّظم، والاختلاف، وأدلوا في ذلك بعللٍ رُبَّما أمالتِ الضّعيفَ الغُمرَ، والحَدَثَ الغِرَّ، واعترضت بالشبه في القلوب، وقدحت بالشكوك في الصدور" (٢) .
فكان هؤلاء الزّنادقة يأخذون ما اشتبه من معاني القرآن، ويجعلون منه شُبهًا يقذفون بها في قلوب المؤمنين، كي ينتزعوا إيمانهم من جذوره، ويزرعوا الشكّ مكان اليقين، ظنًّا منهم أنّهم قادرون على إضلالِ الخلق وإهلاكهم، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم.
وقد جرتْ حكمةُ الله أن ينتدِبَ لهذا القرآن من يذبُّ عنه، وأن يستنبت من كُلِّ جيلٍ ذادة عن كتابه، وحراسًا لدينه، يدفعون عنه حيف الظالمين، وشبه الملحدين، وأكاذيب المرجفين، وفرى الجاحدين، وطغيان الطاغين، ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيا من حيّا عن بَيِّنةٍ.
وما ذكره هؤلاء من شبهٍ ترجع في غالبها إلى بابٍ واحد، هو باب اللُّغة والبيان، وكُلّ ما في القرآن جارٍ على طرائق العرب في الخطاب، وسننها في القول، وإن كان ظاهره غير ذلك، كما قال ابن قتيبة:
"وليستْ تخلو هذه الحروف من أن تكون على مذهبٍ من مذاهب أهل الإعراب ... " (٣) . وأكّد

(١) ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن ص ٢٣.
(٢) السابق ص ٢٢.
(٣) السابق ص ٥٦ - ٥٧.

1 / 56