Arabes de cette époque : un pays sans maître
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Genres
السحر والإعلام في الوعي الغربي
4
يشمل الوعي الغربي الأوروبي والأمريكي معا مع اختلاف في الدرجة وليس في النوع، في درجة انتشار السحر، في أمريكة أكثر منه في أوروبة، درجة أثر الإعلام الذي يخلق حقائق وهمية كبديل عن الواقع أكثر مما يكشف عن الواقع نفسه. وهو أكثر منه أيضا في أمريكة عنه في أوروبة؛ فأمريكة بلد العجائب أكثر منها بلد الحقائق، وأوروبة بلد الوقائع أكثر منها بلد الخيال.
ومعرفة الوعي الغربي جزء من معرفة الآخر الذي تعيش الذات في حوار وتفاعل معه، أو في صراع وجدل منذ حوالي ثلاثة قرون، بل إنه أصبح جزءا من الذات عند العلمانيين، نموذجا للتحديث لكل الشعوب.
الغرب هو حصيلة الإنسانية كلها، ويستعملونه في مواجهة الحركات «الأصولية» المدافعة عن الخصوصية، والتي تريد العودة بالتاريخ إلى الوراء.
والمناسبة هي «هاري بوتر»؛ هذه الرواية الخيالية التي وصلت إلى الجزء السابع لكاتبة بريطانية. بدأت مغمورة، وعرضت الجزء الأول على الناشرين بأجر زهيد، ثم سرعان ما ذاعت الرواية وانتشرت، وأصبحت سباعية . توزع مئات الملايين من النسخ في شتى أرجاء العالم، ويقف القراء بالطوابير عدة أيام للحصول على إيصال دفع ثمن نسخة يتم الحصول عليها فيما بعد، مثل طوابير الماء والخبز في العالم الثالث بما في ذلك مصر للحصول على الحاجات الأساسية لحياة البشر. فأصبحت ظاهرة إعلامية فريدة تجاوزت شهرة سمبسون القاتل، والطالب الكوري في كلية الهندسة في فرجينيا الذي قتل ما يقرب من ثلاثين طالبا وطالبة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسلمان رشدي الذي كان كاتبا مغمورا ثم أصبح ظاهرة إعلامية بعد رواية «آيات شيطانية»، عندما أصبح أشهر روائي في بريطانية بعد فتوى قتله من إيران لنيله من الرسول، والانتفاضة الفلسطينية الأولى في أوجها، والعالم ينظر إليها بإعجاب ودهشة، وعودة الصورة النمطية للوطن العربي والعالم الإسلامي؛ القهر والكبت والقتل للمفكرين والكتاب، في مقابل ما تنعم به أوروبة من حرية الفكر والتعبير.
حدث ذلك في بريطانية؛ هذا البلد العريق في العلم والحقائق الموضوعية؛ ففيه نشأ إسحاق نيوتن وفرانسيس بيكون وجون استيوارت مل، وواضعو المنهج التجريبي العلمي الحديث. وفيه أيضا استند القانون إلى الحالات السابقة والوقائع، وكان انتشارها عبر الأسطول والتوسع البحري عبر المحيطات للالتفاف حول العالم القديم، وتأمين خطوط المواصلات البحرية في جبل طارق وقناة السويس وعدن والرجاء الصالح طريقا إلى الهند، واقعا عسكريا وليس خيالا علميا وانتشارا إعلاميا. وعرف إعلامها بالدقة والموضوعية، وأصبح رمزها
BBC ، ثم تصبح اليوم مهدا للسحر والإعلام على الطريقة الأمريكية؛ فقد تجاوز التبعية البريطانية للولايات المتحدة الخيارات السياسية إلى أيضا وسائل الإعلام الأمريكية، وما يسود المجتمع الأمريكي من سحر وخرافة وأساطير تبثها الجماعات الدينية المغلقة واليمين المتطرف والمحافظون الجدد.
بدأت الكاتبة بتدوين قصصها التي كانت ترويها لأطفالها. البعض من قراءاتها، والبعض الآخر من خيالها، ثم فكرت في التدوين كتابة لما ترويه شفاها، وأدب الأطفال رائج بطبيعته في الغرب؛ فهو تأليف من القلب والخبرة الذاتية والواقع، وليس من مصادر ومراجع، ومعاجم وقواميس، وتجارب وقياسات علمية. والكتابة من القلب أفضل من الكتابة الموثقة. الأولى للعامة، والثانية للخاصة. الأولى علمية، والثانية أدبية . والخيال الإنساني في أدب الطفل يفوق الخيال العلمي في أدب الشباب. والكاتبة امرأة، وهو في حد ذاته يفتح لها الأبواب؛ لما للحركة النسائية في الغرب من حظوة، ولما للأدب النسائي من أنصار. وهي شقراء بها مسحة من جمال قديم؛ نموذج المرأة الأوروبية.
واستحوذ الكتاب المطبوع على لب القراء بطبعته المجلدة الفاخرة مع صورة الغلاف التي تشد الانتباه؛ صورة البطل التلميذ البريء الهمام، القادر على الاستحواذ على العالم بالسحر، وشد انتباه معلميه ومجتمعه، وإشباع حس المغامرة فيهم، والبحث عن المستقبل، والسيطرة على مساره.
Page inconnue