ويروى أنه كان في الهجرة ممن رجع إلى الإسلام خمسمائة سيف، وكلهم يرون هذه المذاهب التي رويناها عن المطرفية فالجاحدون لذلك يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون، وكذل كل من رجع إلى الإسلام في ذلك الزمان، تروى عنهم هذه الأقوال، ويرجع سبب انتقاصها عنده وفسادها بالحجة التي صحت له كالشيخ أبي السعود بن أبي ثور، وولده أسعد وأحمد بن منصور، والسلطان إسماعيل بن حاجب، والسلطان ربيح، وكذلك القاضي الزاهد عبد الله بن حمزة بن أبي النجم الذي رجع بسبب قراءته للمذهب على الفقيه العالم زيد بن الحسن البيهقي، وما من زمان مضى إلا ويرجع فيه جماعة منهم، ويروون هذه المذاهب، ويناظرون عليها، ويرجعون بسبب النظر الشديد والتحكيم لأدلة العقول، ولما رجع الشيخ العالك كان ذلك العالم محمد بن حميد إلى مذاهب الزيدية بعد ما كان من أرسخ الناس قدما في مذاهب المطرفية، وكان مشهورا بالعلم في فنون من العلم، وهو الذي كان قال فيه الشيخ العالم علي بن أبي رزين: لو كانت الإمامة تصلح في الرعية لصلحت في محمد بن حميد، وكان لعمار بن علي رحمه الله اجتهاد عظيم في رجوعه، فلما مات عمار بن علي رحمه الله رثاه محمد بن حميد هذا العالم فقال في مرثيته:
فالله يرحم عمارا ويسكنه ... في جنة ذات أنهار وأشجار
فإنه لسبيل الخير عرضني وكنت ... قدما عليه طاعنا زاري
أيام كنت أرى الأسماء لي صفة ... والذكر قولي وإعذاري وإنذاري
ولا أرى الوحي آيات ولا سورا ... لكن أراها أحاديثي وأخباري
وكنت لا أسمع القرآن من أحد ... بآلة السمع لكن أسمع القاري
وما أرى عرضا ما عشت ينفعني ... ولا الدعا ينجي من شفا هاري
Page 53