المعرفة السابعة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الله تعالى لا يجب عليه أن يساوي بين عباده في الخلق، ولا في الرزق، ولا في الحياة ولا في الموت، ولا في التعبد ولا في الخير، ولا في ذلك من الفرائض عند العلي الأعلى.
وقالت المطرفية: إن الله تعالى يجب عليه أن يساوي بين عباده في هذه الأشياء، خلافا منهم على العلي الأعلى وهذا محال؛ لأنه تعالى متفضل بذلك على العباد كما تفضل بابداء الخلق وإنشائه، ولهذا أمتن به تعالى على عباده في آي كثيرة، قال تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين} إلى قوله: {وجعلنا لكم فيها معايش} إلى قوله: {وأرسلنا الرياح لواقح} إلى قوله: {ولقد خلقنا الإنسان}[الحجر:16-26] إلى غير ذلك من البيان في الامتنان، وقال تعالى مبينا للتفضيل والإحسان: {خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين، والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع}[النحل:4،5] إلى آخر ما عدد من الإنعام الواقع من ذي الجلال والإكرام، ولأن الجميع واصل إلى الإنسان قبل تقدمه بصالح الأعمال، فكيف يقال بأنه واجب على ذي العزة والجلال.
المعرفة الثامنة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الله تعالى قد فاضل بين عباده في هذه النسبة للأشياء واتبعوا في ذلك ما يعرفه العقلاء.
وقالت المطرفية: ما فاضل تعالى في ذلك بين العباد، ولو فعل لكان ذلك من الظلم والفساد وهذا مخالف الضرورة، فإن كل عاقل يعلم تفاضل الناس في الخلق، ففيهم الكامل والناقص، والطويل والقصير، والجميل والشويه، والغني والفقير، ويختلفون في الأعمار والآجال، وفي التعبد والجزاء، حكمة من العلي الأعلى، وكل ذلك معلوم من دين الإسلام، ومفصل........................... إلى قوله: {وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} وقال: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}[الإسراء:55] وقال: {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}[الزخرف:32] وقال: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} [النحل:71] وغير ذلك كثير.
Page 17