ويقول كنديد: «لا شيء أكثر احتمالا من هذا، ولكن بالله عليك أن تحضر لي قليل زيت وخمر»، ويجيب الفيلسوف قائلا: «ما تعني بقولك: محتمل؟ فالأمر ثابت عندي»، ويفقد كنديد شعوره، ويأتيه بنغلوس بماء قليل من عين قريبة.
ويجدان في الغد بعض الزاد بانسيابهما بين الأنقاض فيقومان به بعض أودهما، ثم يعملان كالآخرين في الترويح عن الأهلين الذين نجوا من الموت، ومما حدث أن بعض المواطنين الذين أعاناهم قدموا إليهما غداء، يعد أحسن ما يمكن في مثل هذه النكبة.
أجل، كان الطعام كئيبا ما كان الضيوف يبللون خبزهم بدموعهم، بيد أن بنغلوس ألقى سلوانا في نفوسهم عندما ذكر لهم مؤكدا أن الأمور لم تكن لتحدث على غير ما تم، وقد قال لهم: «وذلك لأن جميع ما حدث هو أحسن ما يكون؛ وذلك لأنه إذا وجد بركان في أشبونة لم يمكن أن يكون في مكان آخر؛ وذلك لأن من المحال أن تقع الأمور في مكان غير الذي وقعت فيه؛ وذلك لأن كل شيء حسن.»
ووجد بجانبه رجل أسود قصير موظف لدى محكمة التفتيش، فتناول هذا الرجل الكلام وقال بأدب: «يظهر أن هذا السيد لا يؤمن بالخطيئة الأصلية، فإذا كان كل شيء على أحسن ما يكون لم تكن هنالك زلة ولا جزاء.»
ويجيب بنغلوس بأدب أعظم من ذلك إذ يقول: «أطلب عفوك متواضعا يا صاحب السعادة، وأقول: إن زلة الإنسان واللعنة تدخلان ضمن أحسن العالمين بحكم الضرورة»، ويقول الموظف: «ألا تعتقد الإرادة أيها السيد؟» ويقول بنغلوس: «عفوا يا صاحب السعادة، يمكن الإرادة أن تكون مع الوجوب المطلق، فمن الوجوب أن نكون ذوي اختيار؛ وذلك لأن الإرادة المقدرة ...» وبينا كان بنغلوس في وسط جملته أشار الموظف برأسه إلى خادمه المسلح الذي كان يصب له خمر بورتو أو أوبورتو.
الفصل السادس
كيف صدر حكم تفتيشي رائع لمنع الزلازل وكيف جلد كنديد على ألييه
لم يجد حكماء البلد - بعد الزلزلة التي قضت على ثلاثة أرباع أشبونة - وسيلة أشد فعلا لمنع وقوع خراب شامل من منح الأمة حكما تفتيشيا
1
رائعا، فقد قضت جامعة قلمرية بأن منظر أناس قليلين يحرقون بالنار في احتفال كبير، ينطوي على سر مضمون يمنع الأرض من الاهتزاز.
Page inconnue