À dessein... Écoute et tu entendras
عن عمد … اسمع تسمع
Genres
ميللر: ولكن هذا خطأ. - سنأتي لهذا بعد برهة.
ميللر: معك حق؛ هو فن للعين أيضا ولكنه أساسا للأذن. إن شكسبير هو الموسيقي، يمكنك أن تقرأ الموسيقى ولكن الأروع دائما أن تسمعها. - أتسمح لي أن نقفز قفزة صغيرة؟ كتاب المسرح دائما محبون للاستطلاع فيما يختص بتجارب الآخرين في كتابة المسرح. دعنا نأخذ مسرحيتك «وفاة بائع متجول»، بالطبع إن مسرحيتك الأولى «كل أولادي» تتبع حقبة زمنية لاحقة، ولكن في «وفاة بائع متجول» تغيير في الشكل المسرحي. هل أحسست بحاجتك الملحة إلى هذا التغيير في الشكل؟
ميللر: بالطبع وبوعي أيضا. - لماذا؟
ميللر: لأن لي غريزة الاهتمام بالماضي، وكنت أريد أن أجعل الماضي حيا في نفس اللحظة التي نحيا فيها الحاضر. مشكلة تداخل الزمن كما تعرف، لكي أحيل كل شيء يقع في نفس الوقت بحيث يصبح الجمهور بالتدريج يدرك أحداث أربعين عاما مضت في نفس الوقت الذي يدرك فيه الأحداث التي تقع أمامه مباشرة. وهكذا اكتشفت تلك الطريقة لكي أحل هذا الإشكال الزمني، أني حينما أرى الرجال الكبار أراهم أيضا حين كانوا أطفالا. وحين أرى الأطفال أحاول أن أراهم أيضا وفي نفس الوقت حتى يصبحوا كبارا. إن التاريخ مهم جدا؛ تاريخ البلاد، تاريخ الإنسان. - نعم، ولكني أعتقد أن هذا راجع إلى الفلسفة الجدلية التي كنت ترى بها الإنسان.
ميللر: تستطيع أن تقول هذا أيضا؛ فأنت لا تستطيع أبدا أن تفهم أمريكا مثلا إلا إذا عرفت تاريخها، وهكذا بالنسبة لي أو لك أو لأي إنسان. إن المجتمع الحاضر هو في الحقيقة التعبير الآتي عن تاريخ هذا المجتمع؛ لا يمكن أن تعرف ما يحدث الآن إلا إذا عرفت ما حدث منذ عشر سنوات مثلا أو عشرين سنة.
وليس ما حاولت عمله جديدا على أية حال. لقد حاول أبسن أن يفعل نفس الشيء، وشكسبير حاول. ولكن هناك طرقا متعددة للوصول إلى الهدف. لقد حاولت أنا أن أجعله يحدث أمامك وليس أن أرويه أو «أتكلم» عنه، كله فعل درامي أمامك «الآن». - ولكني أعتقد أن هذا لا بد أن يستتبعه أداء مسرحي خاص؛ فالممثلون دائما يؤدون الدور كما هو حادث «الآن» وليس بما لهذه الأدوار من تاريخ حي واقع.
ميللر: إنه مثل عزف لسترافسكي؛ تكون هنا وهناك في نفس الوقت، كل الآلات تعزف في نفس الوقت. إن تركيز الممثل لا بد أن يكون فائقا جدا. وبمناسبة الأوركسترا أتعرف أن حلمي الأكبر كان أن أصبح مغنيا؟ إني أملك صوتا جميلا جدا كما ترى «ولسوء الحظ لم أكن أرى.» - ولماذا هجرت الغناء إلى الكتابة؟
ميللر: كان الغناء يتطلب عملا كثيرا جدا، وأيضا كان لدينا مغنون كثيرون، وكانوا - وهذا اعتراف - أحسن مني. - مستر ميللر، أتعرف أن حسا كوميديا تخبئه دائما في تراجيدياتك مثل «كل أولادي» و«وفاة البائع المتجول»، ولكنه بدأ يظهر أخيرا في إنتاجك.
ميللر: هذا صحيح! أتعرف أن أول شيء كتبته في حياتي كان قطعة ساخرة كتبتها في سن الخامسة عشرة؟ كنت في ذلك الوقت أقيم مع والدي وكنت في المدرسة الثانوية. لم يكن التليفزيون هناك بعد وكانت وسيلة التسلية الأولى هي الراديو. وفي إذاعات تلك الأيام كان هناك معلق سياسي إخباري تجوب تعليقاته العالم كله بأزمانه وبلاده المختلفة، وكان كل الناس يصغون إليه باهتمام بالغ؛ فقد كان يتحدث بطريقة خطابية جادة ترغمك على الإصغاء باحترام، ولكني أنا كنت أراه عبيطا تماما، وكان يجعلني أحس أني أود كلما سمعته أن أنفجر ضاحكا. في نيويورك في تلك الأيام كانت هناك الأزمة الاقتصادية الطاحنة كما ذكرت لك، وكان في برامج الراديو ركن للهواة كل أسبوع يحدث فيه تنافس بين الهواة من عازفين ومغنين وكتاب برامج، وكان الفائز يربح بضعة دولارات. ولقد دفعتني الحاجة أن أجرب حظي؛ فكتبت قطعة أسخر فيها من هذا المعلق. وذهبت إلى المسئولين عن البرنامج وأعطيتهم القطعة، فأخذوها وقالوا لي سنتصل بك. ولكني لم أسمع عنهم أبدا. غير أني ذات ليلة بعد شهرين أو ثلاثة فتحت الراديو ففوجئت بممثل كوميدي مشهور جدا في ذلك الوقت يؤدي شيئا، وفجأة أدركت أن الكلمات كلماتي وأنها هي نفسها القطعة التي أخذوها مني في ركن الهواة؛ لقد سرقوها.
وهكذا كان أول لقاء لي مع الحركة الفنية في نيويورك. إنهم سرقوني، وربما لا يزالون. - دعنا نقفز قفزة أكبر هذه المرة يا مستر ميللر. لقد بدأت ككاتب ملتزم تماما في «كلهم أولادي» و«وفاة بائع متجول»، فما هو موقفك الآن؟ ألا تزال ملتزما؟ وما هو بالضبط كنه التزامك الآن. وقبل من؟ أم هل عدلت عنه؟
Page inconnue