8

[معارف الحكماء]

قال: فلما انتهى الكلام منهما إلى هذا الحد، وعلم العالم أنه ذو فطنة ونباهة ونبالة، ونظر وتمييز، ورغبة في طلب العلم سأله لينظر معرفته.

قال العالم: من أين ؟

قال الوافد: من فوق الأرض ومن تحت السماء.

قال العالم: كم لك ؟

قال: كذا وكذا سنة.

قال له العالم: ما ترى ؟

قال: أرى أرضا وسماء، وما بينهما.

قال: فما ترى في السماء ؟

قال: أرى شمسا تحرق، وقمرا يشرق، ونجوما تزهر، وماء يمطر، ورياحا تذري، وسحابا يجري، وطيرا يهوي، وليلا ونهارا، وأياما مختلفة.

قال العالم: فما ترى في الأرض ؟

قال الوافد: أرى برا وبحارا، وسهولا وأوعارا، وترابا وأحجارا، وأثمارا وأشجارا، وأنهارا وقرارا.

قال العالم: فكم الدنيا ؟

قال الوافد: ليل ونهار.

قال العالم: فكم الخلق ؟

قال: ذكر وأنثى.

قال العالم: فكم الناس ؟

قال الوافد: الناس أربعة: واحد فيه خير وشر، والثاني شر بلا خير، والثالث خير بلا شر، والرابع لا خير فيه ولا شر.

قال العالم: فكم الناس وما هم بعد ذلك ؟

قال الوافد: نبل وسفل، فلا النبل لهم قدر عند السفل، ولا السفل لهم قدر عند النبل.

قال العالم: فكم الكلام ؟

قال الوافد: أربعة: خطاب، وجواب، وخطأ، وصواب.

قال العالم: ففيم العجب ؟

قال الوافد: في سبعة.

قال العالم: من هم ؟

قال الوافد: عبد عرف الله وعصاه، وعرف الشيطان وأطاعه، وعرف الدنيا فجمع لها، وذكر الموت فطابت نفسه، وعرف الآخرة فبغضها، وعرف الجنة فلم يرغب إليها، وعرف النار فلم يرهبها.

Page 260