وقد تم اكتشاف الروس لبحر بارنتس من القرن الحادي عشر، مثل اكتشاف نوفايا زيمليا، وفي 1596 فقد وصل البحار الهولندي وليام بارنتس إلى سبتز برجن - سفالبارد حاليا، وفي 1610 عبر البحار الروسي تشيلوسكيين شبه جزيرة تايمير شرقي مصب الينسي، وفي 1648 عبر الملاح سيمون ديزينيف رأس الشرق - حاليا رأس ديزينيف - في أقصى شرق سيبيريا على مضيق بيرنج، وفي 1725-1730 جاب البحار الهولندي فيتوس بيرنج والروسي شيريكوف من كمتشكا إلى بحر تشوكشي وسجل - بعد زميله ديزينييف بثمانين عاما - مرة أخرى انفصال آسيا عن أمريكا بواسطة المضيق الذي سمي باسمه عام 1728، وفي عام 1832 عبر الرحالة الروسي فيودوروف جيفوزديف مضيق بيرنج إلى ألسكا.
وقد أدت هذه الكشوف إلى اهتمام بطرس الأكبر بالمنطقة الشرقية والشمالية القطبية؛ فنظمت في الفترة بين 1733-1744 عدة بعثات مكونة من 12 سفينة منها القسم الشرقي الذي تولى قيادته بيرنج وشيريكوف فاكتشفا جزر الموشيان وجنوب ألسكا، وفي عام 1873 قامت بعثة بحرية نمساوية بكشوف في منطقة الجزر التي تسمى الآن بجزر فرانز يوسف - نسبة إلى إمبراطور النمسا - شمالي نوفايازيمليا، وفي عامي 1878-1889 تمت أول رحلة عبر الطريق البحري الشمالي بواسطة السفينة «فيجا» بقيادة الكشاف السويدي نوردنشلد في بعثة سويدية روسية، وفي عامي 1893-1896 جاب النرويجي نانسن المنطقة الوسطى من المحيط الشمالي وسميت باسمه المسطحات المائية الكائنة في شمال شرق جرينلاند، وفي عام 1912 اكتشفت روسانوف الفحم في جزر سفالبارد.
وقد بدأ عهد الاستكشاف القطبي بالطائرات عام 1914 بعد أن قام الطيار الروسي ناجورسكي فوق بحر بارنتس خمس مرات.
وفي عام 1920 دشن أول خط ملاحي منتظم في بحر كارا يربط مورمانسك وأركانجل بمصب الأوب والينسي، وفي عام 1930 قطعت كاسحة الجليد سيبرياكوف الطريق البحري الشمالي في موسم واحد بدلا من موسمين - بدأت من أركانجل ووصلت فلاديفوستك بعد شهرين.
وفي عام 1934 حطمت كتل الجليد الطافية سفينة روسية قرب جزيرة رانجل، ونزل البحارة إلى إحدى الجزر الجليدية الطافية حتى أنقذتهم الطائرات والسفن السوفيتية، وكانت هذه الحادثة هي بداية الطريق للكشوف العلمية التي بدأها العلماء السوفيت بواسطة إقامة محطات أبحاث على مثل هذه الجزر الطافية لمدد قد تصل إلى تسعة أشهر، وأصبحت البعثات تنقل بالطائرات إلى المناطق المختارة للدراسة.
والطيران القطبي ليس عملا سهلا فإن الظلام القطبي والعواصف الثلجية الفجائية والشذوذ المغناطيسي والإعاقات اللاسلكية وتراكم الثلوج؛ كلها عوامل تجعل الطيران داخل المنطقة القطبية أمرا صعبا، وفي صيف 1954 قام الطيران السوفيتي القطبي بمساعدة محطات الدراسة القطبية الكائنة على الجزر الجليدية العائمة، وقد بلغت حمولة ما نقلته الطائرات لهذه المحطات في ذلك الصيف ما يساوي حمولة أربع عربات من عربات السكة الحديدية، كما قطعت ما يقرب من مليون كيلومتر وهبطت على تلك الجزر العائمة مئات المرات.
وقد أدت الأبحاث العلمية الحديثة - الجارية فيما بين عامي 1948-1954 - والخاصة بقاع المحيط وأشكال الحياة المائية والحيوانية والأرصاد الجوية، إلى زيادة هائلة في المعرفة العلمية المتعلقة بالمحيط الشمالي.
وفيما يختص بتضاريس قاع المحيط اكتشف أن هناك حوضين رئيسيين، أحدهما شمال كندا ويسمى حوض كندا وألسكا الشمالي، وتزيد أعماقه عن 2500 متر، أما الحوض الآخر فيسمى حوض أوروآسيا الشمالي، وهو يمتد شمالي بحار كارا ولابتف وجزر فرانز يوسف وتزيد أعماقه عن 4000 متر، وفيما بين الحوضين اكتشف السوفيت سلسلة جبلية تفصل بينهما تمتد من جزر نوفوسيبريسكي إلى شمالي جرينلاند واليزمير، وقد سميت هذه السلسلة باسم أحد العلماء السوفيت: لومونوسوف، وهي ترتفع فوق قاع الحوضين المجاورين إلى ما بين 2500 و3300 متر، كما سجلت الدراسة أن أقل الأعماق البحرية فوق هذه السلسلة يصل إلى (954) مترا تحت سطح البحر، وتدل دراسة بعض صخور هذه السلسلة على أنها حديثة ترجع إلى الزمن الثالث أو الثاني على أبعد الفروض، وإلى الشمال من بحر تشوكشي وبموازاة ساحل أمريكا الشمالية، تمتد سلسلة أخرى إلى شمالي جرينلاند تتكون من صخور أركية في الغالب.
كذلك أثبتت الدراسات أن مياه الحوض الكندي أكثر إملاحا وحرارة وأقل أسماكا من مياه حوض أوروآسيا، وبذلك تتضح أهمية الفاصل الجبلي الذي تكونه سلسلة لومونوسوف، ويضاف إلى ذلك أنه ثبت أن نفاذ مياه المحيط الهادي إلى المحيط الشمالي أكبر مما كان متصورا من قبل.
وعلى عكس ما كان سائدا من اعتقاد، فإن البعثات المختلفة أثبتت وجود حياة متنوعة عديدة في داخل المنطقة القطبية المتجمدة إلى أبعاد كثيرة عن السواحل القارية، فقد وجدت دببة بيضاء وثعالب قطبية وأنواع عديدة عن الفقمات وسباع البحر والبط والنورس، ولوحظت أسراب من الطيور المهاجرة إلى بعد من 1500 كيلومتر عن السواحل، فضلا عن أربعين نوعا من أنواع البلانكتون البحري.
Page inconnue