Devant la porte de Zuwayla
على باب زويلة
Genres
قالت أم السعد: إن لسانك لا يطاق يا عز الدين، أفلا تشكر للسلطان أن بني مسجده ومدرسته هذين لتكون له جارا؟!
قال: والله لقد كان جوار أم أيوب ومختص الطواشي أحب إلي من جوار هذا السلطان، أما أم أيوب فقد أخرب دارها وتركها تلفظ آخر أنفاسها على الطريق، وأما مختص الطواشي فقد أعجب السلطان مسجده الصغير الذي بناه بالمال الحلال ليكون فيه مدفنه حين يموت، فاغتصبه وأوسعه مما حوله من بيوت الناس وبناه مسجدا باسمه، وشق لنفسه فيه ضريحا يدفن فيه إذا حان الأجل، مكان الضريح الذي كان يريده مختص الطواشي لرمته، كأنما حسده السلطان على مكانه ميتا، وكان خليقا أن يحسده على مكانته في الآخرة لا في القبر!
ومصت أم السعد شفتيها ثانية وهي تقول: مسكين! حتى على القبر!
قال عز الدين: ليس مسكينا، فقد نفاه السلطان إلى مكة، فلعله أن يجد - حين يموت - في تلك الأرض الطاهرة مدفنا يضم رفاته خيرا من مدفنه هنا في أرض الفساد والرجس!
ثم أردف ضاحكا: وقد سمعته بأذني وهو في طريقه إلى منفاه، يدعوه الله ألا يجعل للغوري في بطنها مدفنا يزار، ولعل الله أن يستجيب له، وما تدري نفس بأي أرض تموت!
قالت امرأته وهي تهز كتفها: وأين يدفن الموتى إلا في بطن الأرض، أيخطفه طير الجو أو تبتلعه سمكة في جوف البحر؟
قال عز الدين جادا: اسكتي يا جليلة، إنها دعوة مظلوم!
وسكت برهة وهو يحدق بعينيه مفكرا، ثم أطرق وهو يهمس وقد بدا في وجهه الهم: كم يدعو مظلومون ولا يستجيب الله!
وسمعته زوجته فصاحت به منكرة: ماذا قلت يا عز الدين! ...
ثم استدركت وقالت بلطف: ماذا بك اليوم فإن على وجهك سحابة هم، أليس يسرك أن ترى أختي؟
Page inconnue