Devant la porte de Zuwayla
على باب زويلة
Genres
وعاد الزمان القهقرى ينشر على عينيها ماضيها كله، منذ كانت، وكانت، وكانت، حتى بلغت ...
ونهضت شهددار لشأنها، وخلت مصرباي إلى نفسها تسترجع الذكريات ...
الفصل الثالث عشر
خطوات الزمن
كان خان يونس في ظاهر مدينة قيسارية من بلاد الروم - كعهد الناس به منذ سنين - فلم يزل ملتقى كثير من التجار يمرون به غادين أو رائحين إلى حلب ودمشق والقاهرة، أو إلى أرمينية وبلاد الكرج وما وراء الجبال، يلتمسون الغذاء والدفء والمأوى ...
ففي ليلة حالكة السواد، قارسة البرد، عاصفة الريح، وقفت امرأة على باب الخان تطرقه طرقا خفيفا، وكان يونس الرومي قد تهيأ للنوم، فما سمع الطرق حتى قام متكاسلا، فأوقد شمعته وتقدم إلى الباب ضجرا ثقيل الخطو، فلم يكن به الليلة حاجة إلى طارق جديد، وقد امتلأت غرفات الخان جميعا بالنزلاء، حتى ليس فيها موضع يتسع لضيف ...
وهبت نسمة من طاق غير محكم الغلق، فأطفأت الشمعة في يده وعم الظلام، فلولا أن رجليه قد تعودتا المشي في سواد الليل لضل طريقه.
ثم لم يكد يفتح الباب حتى دفعت إليه امرأة متشحة بالسواد، قذفتها إلى داخل الخان ريح عاصف، كادت تكبها على وجهها لولا أن تلقاها بيديه، ثم أغلق الباب وأحكم رتاجه وأوقد الشمعة، فإذا بين يديه امرأة نحيلة معروقة العظم، تبص في وجهها عينان سوداوان على وجنتين شاحبتين، وقد تتابعت أنفاسها من البهر، كأنها ميت قد فر من الآخرة يحاول أن يسترد روحه، أو حي قد أشرف على الآخرة يلفظ آخر أنفاسه ...
واستندت المرأة إلى جدار البهو لا تنبس بحرف، وظل يونس الرومي واقفا بين يديها والشمعة المضيئة في يمينه، لا يسألها سؤالا، ولا ينتظر أن تجيب ...
وثابت إليها نفسها بعد فترة، فأدارت النظر فيما حولها، ثم قالت بصوت خافت: هذا خان يونس، أليس كذلك؟
Page inconnue