لكن على ما يبدو، لم يغادر الجمع كله؛ إذ تبقى بعض منهم، فها هي تلك الفتاة لا تزال هنا، وربما هناك غيرها. كانت السيدة بارنز تتذكر آيريس بإبهام؛ لجمالها، ولأن رجلا بدينا ممن يسبحون كان يسعى خلفها.
كان الرجل متزوجا؛ لذا كان اختياره لها في غير صالحها، لكنها بدت مرهقة لدرجة جعلت قلب السيدة بارنز الحنون يؤنبها على عدم إشفاقها عليها.
نادتها قائلة بنبرة مبتهجة للغاية: «هل تركت بمفردك تماما؟»
جلعت محاولة التقرب غير المتوقعة تلك آيريس ترتعد. في تلك اللحظة، كان آخر ما تحتاج إليه هو أن تحظى باهتمام شخص بالغ، والذي حسب خبرتها يخفي وراءه فضولا.
أجابت: «أجل.» «يا إلهي، يا له من أمر مؤسف! ألا تشعرين بالوحدة؟» «كلا.» «لكنك صغيرة جدا على السفر دون رفقاء. ألم يكن بوسع أحد من أهلك مرافقتك؟» «ليس لي أهل.» «ليس لديك أي عائلة على الإطلاق؟» «كلا، وليس لي أقارب. أولست محظوظة؟»
لم تكن آيريس قريبة بما يكفي لسماع شهقة الاندهاش التي صدرت من الأختين فلود-بورتر، لكن صمت السيدة بارنز أخبرها بأن فظاظتها آتت بثمارها. تجنبا لأي محاولات استجواب إضافية، بذلت جهدا عظيما للنهوض؛ إذ كانت جميع مفاصلها متيبسة، ونجحت في أن تجر نفسها إلى داخل الفندق ثم إلى غرفتها بالطابق العلوي.
حاولت السيدة بارنز أن تتخطى تلك الواقعة بالضحك.
قالت: «أخشى أن أكون قد ارتكبت حماقة أخرى. من الواضح أنها كرهتني، لكني شعرت أن ليس من الإنسانية أن نجلس كالتماثيل دون أن نبدي أي اهتمام بها.»
سألتها الآنسة روز: «وهل أبدت هي أي اهتمام بك؟ أو بنا؟ هذا النوع من الفتيات شديد الأنانية. لن تحرك ساكنا أو تحيد عن طريقها قيد أنملة لمساعدة أي شخص.»
لم يكن لذلك السؤال سوى إجابة واحدة، لم تسمح طيبة قلب السيدة بارنز لها بالإفصاح عنها؛ لذا كتمتها بداخلها؛ إذ ليس بوسعها أن تكذب.
Page inconnue