لكن بعد عدة ساعات ليست بالطويلة، كانت لتقايض جميع مباهج الطبيعة مقابل استعادتهم مرة أخرى.
الفصل الثاني
التحذير
بعد نحو أربع ساعات، استلقت آيريس باسطة ذراعيها وساقيها فوق أحد منحدرات الجبل على مسافة مرتفعة من القرية. بعد أن تركت وراءها الشفق البارد للخور، وعند ضريح تلتقي عنده الطرق، سلكت مسارا متعرجا شديد الانحدار صعودا لأعلى.
بعد أن خرجت من حيز الظل، لفحتها الشمس بضراوة، لكنها لم تبطئ وتيرة سيرها؛ فقد كانت أفكارها الحانقة تدفعها للمضي قدما؛ إذ لم تستطع طرد أولجا من فكرها.
كان الاسم يتردد بإلحاح في ذهنها. أولجا. أولجا التي أكلت خبزها، في صورة شرائح محمصة - حفاظا على رشاقتها - ورفضت أن تأكل ملحها، لاتباعها تقليعة غذائية ما. وكان ذلك يسبب العناء في المطبخ. أولجا التي استغلت هاتفها، وأساءت استخدام سيارتها. أولجا التي استعارت معطفها المصنوع من الفراء، وأعارتها زوجا لا حاجة لها به.
عندما تذكرت أوسكار زوج أولجا، انطلقت آيريس تركض بسرعة.
قالت حانقة: «وكأنما سأقع في حب رجل يشبه «ميكي ماوس».»
كانت تلهث عندما ألقت بنفسها أخيرا فوق العشب وقررت أن تكتفي بذلك القدر. كانت قمة الجبل الذي تحمست لصعوده تبتعد كلما تقدمت هي؛ لذا تخلت عن نيتها بلوغها.
وهي تستلقي مغمضة عينيها، تنصت لأزيز نسمات الهواء، عادت إليها سكينتها. نظرت إلى كومة من نبات الجريس تقف إزاء خط الأفق، فبدت لها وكأنما تعاظمت وصقلت حتى صارت كبرج جرس معدني، فيما شعرت بنفسها تتضاءل وتلتحم بالأرض وكأنما صارت جزءا منها، مثلها مثل الحجارة وجذور النباتات. وفي مخيلتها، كادت تسمع دقات قلب ضخم ينبض تحت رأسها.
Page inconnue