واعلم أن الناس في أول الإسلام قبل أن تختل الأمانات وتتغير الديانات. فظهور العدالة بظهور الإسلام كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: المسلمون كلهم عدول إلا مجربا عليه شهادة زور أو ظنين في ولاء أو نسب (¬1) فهذا هو الأصل. فلما تغيرت الأمانة على عهد عمر وفشت فيهم الخيانة أحدث
لهم المزكين. فلما وقعت الفتنة أصبح الناس وقد مرجت عهودهم وأماناتهم وجب التوقف والبحث وأخذ الناس بما يعرفون ويدعون ما ينكرون كما قال رسول الله عليه السلام لعبدالله بن عمرو بن العاص: «كيف بك إذا مرجت/ عهود الناس وأماناتهم؟ قال: ما تأمرني به يا رسول الله قال: تأخذ بما تعرف وتدع ما تنكر ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يأتيك الموت» (¬2) . فهناك يسع العامة التوقف ما لم يبتلى بالفعال أو المقال فيسعه ما لم يقف في المسلمين، أو يتولى المجرمين، أو ينتهك المحرم، ولكن يقول: ديني دين المسلمين وقولي قول المسلمين وهذا إذا لم يتدين أولا. فأما من تدين فلا يسعه حتى يرجع عن مسقالته إلى مقالة المسلمين قصدا.
فصل
ومن العوارض ما يعترض العدل وإن كان صالحا، حمل الأخبار في حال الطفولية كالذي جرى لكثير من الصحابة ممن ولد على الطفرة وتوفي رسول الله عليه السلام وهم بحال من لا يحسن حملان الحديث. وتأويل الحديث وتصريفه إلى الأمور المحدثة. وأيضا بما كان من كبر السن والنسيان والذهول والضعف والتأويل الذي/ يخرجه من الدين والانتصار لمذهبه. وبكونه أعرابيا من أهل البوادي ليس له دربة الفقه وما يتعلق به من الأحكام. وبالوهمو في الحديث وسماع بعض وفوات بعض ممن لا يصح به. أو عبدا أو امرأة في بعض الأحايين.
مسألة في التزكية: واختلفوا في عدد المزكين، فقال بعضهم: اثنان في المخبرين وفي الشاهد. وقال بعضهم: واحد فيهما جميعا. وفرق بعضهم فقال: اثنان في الشاهدين وواحد في المخبرين.
Page 203