Compte à rebours: Histoire des vols spatiaux
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
خلال عام 1946، بدأت أيضا الحكومة السوفييتية في إقامة المراكز الأولية لبدء برنامج صواريخ محلي، وشيد المركز الرئيسي «إن آي آي» في ضاحية كالينينجراد في موسكو، في موقع مصنع معدات مدفعية سابق. اقتضى تصميم المركز إقامة مصنع إنتاج تجريبي ألماني، جرى نقله بالكامل، فضلا عن مركز هندسي، ومركز للعلوم التطبيقية؛ مثل التوجيه وعلم ديناميكا الهواء. وكانت المجموعة الهندسية تتضمن أقساما عديدة تعمل على تطوير نماذج الصواريخ المختلفة، وكان سيرجي كوروليف يرأس القسم رقم 3، الذي كان يتعامل مع تصميمات الصواريخ البعيدة المدى.
كانت ثمة مراكز أخرى تدعم مركز «إن آي آي-88». وصار فالنتين جلشكو - الذي كان قد رأس أحد برامج شاراجا لتطوير الصواريخ أثناء الحرب في كازان - مديرا لأحد المراكز الكبرى لتطوير المحركات في مدينة خيمكي، على بعد أميال قليلة من مركز «إن آي آي-88». وطورت مجموعات هندسية منفصلة نظم توجيه، ومعدات توجيه ببوصلات جيروسكوبية، ومعدات دعم أرضية لإطلاق الصواريخ؛ وكان مديرو هذه المجموعات جميعا قد شاركوا في عمل اللجنة في ألمانيا، مثلما فعل جلشكو وكوروليف.
على الرغم من أن كوروليف كان مديرا في المستوى الأوسط، فإنه سرعان ما لفت الانتباه إليه؛ فقاد جهود تشكيل فريق عمل، هو مجلس الرؤساء، الذي شمل أعضاؤه جلشكو فضلا عن مديري أربع مجموعات هندسية أخرى. ويذكر أحد المشاركين، فلاديمير بارمن، أن «اجتماعات المجلس كانت تجرى عادة في مكتب التصميمات الذي كان مجال عمله موضوع المناقشة؛ إذا كانت المناقشة، على سبيل المثال، تدور حول المحركات، كانت المقابلة تجرى في مكتب جلشكو. وكان كوروليف يشرف على الاجتماعات ويرأسها دوما». ولعب أعضاء هذا المجلس أدوارا محورية في مشروعات الصواريخ والفضاء في السنوات العشرين التي أعقبت ذلك.
استدعت الجهود الملحة بناء صواريخ «في-2»، وكانت هذه الصواريخ قصيرة المدى وأصغر بكثير من أن تحمل القنبلة الذرية، لكن مثلما كانت الحال مع نموذج تبوليف «تي يو-4»، كان المفترض أن يعمل هذا المشروع على توسيع نطاق ما كانت الصناعة السوفييتية تستطيع تنفيذه خلال السنوات الأولى في فترة ما بعد الحرب. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على أجزاء ومواد كثيرة، اكتمل أول نماذج صواريخ «في-2» المصنوعة في موسكو خلال عام 1947، وتطلب إنتاج صواريخ «في-2» لاحقا إقامة ثمانية عشر مصنعا، فضلا عن خمسة وثلاثين مركزا هندسيا وعلميا . على الجانب الآخر، كان فون براون في الولايات المتحدة يبني نماذج «في-2» من المكونات المتوافرة، في ظل دعم صناعي محدود.
شمل عمل موسكو أيضا زملاء جروتروب؛ ففي أكتوبر 1946، أجرت القوات السوفييتية عملية تعبئة واسعة النطاق للألمان ذوي القدرات الفنية المرتفعة، الذين كانوا يعملون في منطقة النفوذ السوفييتي، وأرسلوهم إلى روسيا. وانقسم زملاء جروتروب إلى مجموعتين، إحداهما تصاحبه إلى مركز «إن آي آي-88» قرب موسكو، بينما الثانية تتمركز في جزيرة جورودومليا في بحيرة على مسافة 200 ميل تقريبا. وفي حين أقام جروتروب وعائلته في فيلا مكونة من ست غرف، وكان لديه سائق خاص، لم يلق الآخرون معاملة جيدة على هذا النحو.
خصص العاملون ضمن مجموعة جروتروب في موسكو غرفة واحدة للعائلة المكونة من ثلاثة أفراد، وغرفتين للعائلة المكونة من أربعة أفراد، وحصل خريجو الجامعات على غرفة إضافية. ولكن كان زملاء جروتروب أفضل حالا من مهندسي كوروليف، الذين كانوا يعيشون في ثكنات عسكرية وخيام، وكان نصف طاقم عمل كوروليف على الأقل ضمن قائمة انتظار للحصول على غرفة لعائلاتهم. وفي جورودومليا، كان الوضع أكثر سوءا. كانت الجزيرة تمتلك مرافق بحثية راقية، بما فيها نفق هوائي بسرعة 5 ماخ، ومنصة اختبارات صاروخية، ومختبر إلكترونيات؛ ولكن الأوضاع المعيشية كانت مروعة.
كان العاملون يعيشون في أكواخ كريهة الرائحة، وأشارت إرمجارد - زوجة جروتروب - إلى أن هذه الأكواخ كانت مبنية من «ألواح خشبية غير مطلية ذات شقوق كبيرة، وكان يمكن كنس الغبار نحو الشقوق مباشرة؛ ولكن على الجانب الآخر، كان لا يمكن التخلص من الحشرات». وكانت مياه الصنبور غير صالحة للشرب؛ إذ كانت تحتوي على الأتربة، والأعشاب البحرية، وحيوانات بالغة الصغر، وكان الأفراد ينقلون الماء من البحيرة، ولم يكن ثمة أي مرافق صرف صحي. وكان اللحم، إذا توافر، عبارة عن عظام غالبا، وكانت الوجبات تعتمد بصورة كبيرة على حساء الكرنب. وكانت المواقد مصنوعة من الطين والأحجار، وخلال أيام الشتاء القارص وفي الليالي الطويلة في الشمال، كانت النوافذ نادرا ما تغلق جيدا، ولم تكن لدى الأطفال أحذية مناسبة.
وعودة إلى ألمانيا ، استخدم هؤلاء المهندسون والفنيون الصاروخ «في-2» لمساعدة الروس في تعلم أمور الصواريخ. وفي مركز «إن آي آي-88» وفي جورودومليا كان من المفترض أن يتجاوزوا نموذج «في-2» بإجراء دراسات حول تصميم صواريخ أكثر تطورا؛ ومع ذلك، لم يكن من المنتظر أن يشارك هؤلاء في التصميمات المفصلة لهذه الصواريخ، فضلا عن بنائها وتطويرها. وكان الهدف الرئيسي من وجود الألمان أن يستغل الروس أفضل ما لديهم كي يطوروا لهم أفكارا لخدمة الأغراض السوفييتية. ولم يطلع هؤلاء على التطورات السوفييتية، ومع تقادم خبراتهم وتضاؤلها أكثر فأكثر، كان الروس يكلون إليهم مهام أكثر هامشية. ورحلت مجموعة مركز «إن آي آي-88»، وفيهم جروتروب نفسه، عن موسكو إلى الفضاء الشاسع حول جورودومليا؛ وبعدها بسنوات قليلة، أعادهم سادتهم السوفييت إلى شرق ألمانيا.
على الرغم من ذلك، في ظل وجود زملاء جروتروب واستعدادهم للمساعدة، بدأ كوروليف في التخطيط جديا لإدخال تعديلات جوهرية على نموذج «في-2»، حتى قبل أن تصبح الصواريخ الأولى التي بناها الألمان جاهزة للإطلاق. وفي أوائل صيف 1946، بينما كان زملاء جروتروب لا يزالون في ألمانيا، بدأ هؤلاء المهندسون في تقديم اقتراحات بإدخال تعديلات على الصاروخ «في-2» بالاعتماد على تصميمات كانت قد وضعت في بينامونده؛ وبعد الاستقرار في روسيا، صرفوا انتباههم نهائيا عن الصاروخ «في-2»، مقترحين تصميم صاروخ جديد تماما يتجاوز مداه مدى الصاروخ «في-2» بمقدار ثلاث مرات.
بالنسبة إلى جروتروب، كان الطريق إلى الصواريخ البعيدة المدى يتطلب نفس الأفكار الجديدة المبتكرة التي كان نظراؤه الأمريكيون يطورونها على نحو مستقل. وتصدرت قائمة رغبات جروتروب مجموعة من المضخات التوربينية تستخدم أول أكسيد الهيدروجين، ويجري تشغيلها من خلال غازات غرف الاحتراق. وفي شركة «نورث أمريكان أفياشن»، صارت «دورة مولد الغاز» جزءا من محرك صاروخ بولاي الذي تبلغ قوة دفعه 120 ألف رطل، وساهم هذا التصميم في تقليل وزن الصاروخ. وإمعانا في تقليل الوزن، تخلى صاروخ جروتروب الجديد عن خزانات وقود الدفع الداخلية في الصاروخ «في-2»؛ مما سمح للطبقة الخارجية للصاروخ بتخزين الوقود مباشرة. وكان من المنتظر أن ينخفض الوزن على نحو أكبر عن طريق فصل الرأس الحربية أثناء عملية الطيران، حيث سيتمكن جسم الصاروخ حينئذ من تجنب الحاجة إلى زخم الاندفاع عند الولوج مرة أخرى إلى المجال الجوي. وكان من المنتظر أيضا زيادة قوة الدفع داخل المحرك من خلال تعزيز معدل تدفق الوقود.
Page inconnue