Compte à rebours: Histoire des vols spatiaux
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
لم يحاول بولاي بناء محركات نفاثة ذات دفع هوائي؛ إذ تركت القوات الجوية هذا الجانب من المسألة إلى شركة «رايت إيرونوتيكال كوربوريشن»، وهي شركة كبيرة في مجال بناء محركات الطائرات. لكن مهمة بناء الصواريخ كانت موكلة إليه بالكامل. وقال المقدم إدوارد هول، الذي كان يمول تلك الأبحاث من خلال مركز التطوير في قاعدة «رايت-باترسون» التابعة للقوات الجوية، إن «نافاهو كان يمثل المحور الرئيسي لأي عمليات تطوير؛ إذ إنه على الرغم من» كونه صاروخ «كروز كنا نستطيع أن نضع فيه محرك صاروخ كبيرا؛ مما يسمح لنا بإنتاج محركات تقترب في حجمها من المحركات التي نحتاجها في صاروخ باليستي». وكان واضحا منذ البداية أن «نافاهو» سيسهم في وضع الأساس لبناء صاروخ باليستي بعيد المدى.
بالاشتراك مع نظرائه في القوات الجوية، استقر رأي بولاي على تصميم صاروخ بقوة دفع 75 ألف رطل، وهو ما كان يعتبر بمنزلة تعديل في قوة دفع الصاروخ «في-2»، التي كانت تبلغ 56 ألف رطل. ومع ذلك، صار واضحا خلال عام 1949 أن العمل على هذا التصميم لم يكن يسير على ما يرام؛ ويتحدث جيم برودستون، مدير الاختبارات، عن ذلك قائلا: «يميل المهندسون إلى إعادة التصميم مرة بعد أخرى.» ومن ثم، كان بولاي في حاجة إلى مدير يتخذ قرارات ويدفع المشروع قدما، ووجد بولاي بغيته في سام هوفمان، وهو مهندس متوقد الذكاء في مجال تصميم محركات الطائرات، وكان يعمل كبير مهندسين، ثم صار أستاذا في جامعة ولاية بنسلفانيا، وكان قد تعامل مع بولاي أثناء الحرب، وكان يماثل بولاي في جمعه بين الخبرة الصناعية والأكاديمية.
قال هوفمان: «تمثلت مهمتي في تصميم صاروخ، وكان لدى بيل مجموعة من الزملاء الشباب الأذكياء الذين يفتقرون إلى الخبرة العملية، ولعل هذا هو ما ساعدهم في التعامل مع الأمور المستجدة. وأراد بيل أن يضمني إلى مجموعته نظرا لما كان لدي من دراية بكيفية بناء المحركات وما بنيته منها بالفعل، وكنت مصدر الخبرة العملية بالنسبة إلى هذه المجموعة من الشباب. وكانوا جميعا من جيل تال لي، وكان لدي عمل سابق، بينما لم يسبق لأي من هؤلاء الشباب العمل من قبل، باستثناء أنهم كانوا يخدمون في الجيش والبحرية.»
7
بحلول شهر مارس من عام 1950، كان النموذج الأول من محرك بولاي جاهزا للاختبار بكامل قوة الدفع في سانتا سوزانا، وبدا المحرك صغيرا للغاية لا يكاد يرى وسط خزانات الوقود المكشوفة والعوارض الصلب الكبيرة في منصة فحصه الضخمة. لم يكن شكل المنصة جذابا، لكن ثبت تكامل بنيانها وجدواها في خدمة الغرض الذي أقيمت من أجله. وكان شكل المنصة يتباين على نحو واضح مع التشكيلات الصخرية المائلة إلى الحمرة في «الحوض»، وهو عبارة عن واد يشبه حفرة صغيرة محاطة بحافة مرتفعة كان يستخدم كمنطقة اختبارات. وكان ذلك في حضور العديد من المسئولين، وفيهم فون براون. وكان من المنتظر إذا صارت الأمور على ما يرام أن ينطلق لأسفل من بين العوارض الصلب لهب أبيض مائل إلى الاصفرار في صورة سيف براق؛ مما سيؤدي إلى اهتزاز الصخور من جراء صوت المحرك، وهو صوت سيزداد ارتفاعا مع تردد صداه بين جنبات الوادي.
صاح المسئول عن الاختبار قائلا: «صمام الأكسجين مفتوح!» ثم تطايرت أجزاء الصاروخ في انفجار مفاجئ. وكان أحد المصممين قد أوصى بأن يصنع جزء مهم من الصلب غير المقوى، غير مدرك أن هذا المعدن الشائع الاستخدام يصير هشا عند تبريده باستخدام الأكسجين السائل، ويتعرض للتهشم والكسر. بحث كيندلبرجر - الذي كان في ذلك الوقت رئيس شركة «نورث أمريكان» - بإصرار عن المهندس السيئ الحظ حتى وجده ووجه إليه اللوم قائلا: «كان يجب أن تصنع الصاروخ المنفجر من الذهب الصلب!» أجريت تغييرات في مواصفات جسم الصاروخ بحيث يصنع من الصلب الذي لا يصدأ، والذي كان شديد الاحتمال للبرودة الشديدة. وفي وقت لاحق في ربيع ذلك العام، كان المحرك يعمل بصورة جيدة في الاختبارات.
بحلول ذلك الوقت، كان بولاي والقوات الجوية بصدد إجراء تغييرات جوهرية في تصميم الصاروخ «نافاهو»، وهو أمر تمكنا من تنفيذه عن طريق تجاوز الأساليب التقليدية التي تعتمد على نموذج «في-2» القديم؛ فاستطاعوا أن يسبقوا غيرهم في زيادة مداه زيادة هائلة ليصل إلى 3000 ميل، بل إلى 5500 ميل أيضا. ولكن، لم يكن الصاروخ «نافاهو» الجديد صاروخا مجنحا يتضمن محركات مساعدة، بل صار طائرة بلا طيار تفوق سرعتها سرعة الصوت، ذات مظهر أنيق على نحو مدهش.
كان هذا الصاروخ يتكون من أجنحة طراز «دلتا»، وأجنحة أمامية إضافية صغيرة، وذيل رأسي مزدوج، وجسم طويل ونحيف ومدبب.
منظر مقطعي للصاروخ «نافاهو» مع صاروخ الدفع الإضافي الملحق به (المصدر: جيمس جيبسون).
كان ثمة اثنان من أكبر المحركات النفاثة ذات الدفع الهوائي - يبلغ قطر كل منهما أربع أقدام - سيوفران قوة الدفع. وكان نظام التوجيه ينتقي نجوما محددة حتى خلال النهار ويستخدمها في الملاحة؛ إذ كانت هذه النجوم توفر نقاطا مرجعية تحافظ على محاذاة البوصلات الجيروسكوبية وتوجه إشارتها إلى الاتجاهات الصحيحة. وكان من المفترض أن يبلغ الصاروخ ارتفاع 60 ألف قدم بسرعة 1800 ميل في الساعة، وربما يتعثر في مساره أو يتعرج أثناء صعوده. ومع احتراق وقوده بالكامل، كان من المفترض أن يبلغ ارتفاع 80 ألف قدم المستهدف. ومن خلال استخدام أجهزة استشعار الأشعة فوق الحمراء، كان بإمكان هذا الصاروخ أن يستشعر دفء الجو في مدينة ما في ظل إطفاء الأنوار فيها خلال غارة جوية.
Page inconnue