Compte à rebours: Histoire des vols spatiaux
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
كانت طائرات النقل الأولى تستخدم محركات ذات مكابس؛ مما يجعلها لا ترقى إلى مستوى القاذفات النفاثة الجديدة التي كانت أسرع بكثير. في عام 1952، قرر رئيس شركة «بوينج»، ويليام ألن، إنفاق 16 مليون دولار أمريكي من أموال الشركة لبناء طائرة نفاثة جديدة، يمكنه تقديمها إلى القوات الجوية لاستخدامها كطائرة نقل. بالإضافة إلى ذلك، كان ألن يحاول بيع الطائرة نفسها كطائرة نفاثة إلى شركة خطوط «بان أمريكان» العالمية وإلى شركات طيران أخرى، بل كان يبني كلا النموذجين في منشآت حكومية، باستخدام معدات وأدوات توردها الحكومة.
كان هذا أسلوبا جريئا، لكنه يحمل في طياته شيئا من اليأس المفضي إلى التهور؛ إذ لم تفلح «بوينج» قط في بناء طائرة مدنية ناجحة تجاريا؛ فقد ازدهرت «بوينج» بوصفها شركة مختصة ببناء طائرات حربية، تاركة سوق الطائرات المدنية للشركتين المنافستين لها، «لوكهيد» و«دوجلاس إيركرافت». كان دونالد دوجلاس، مؤسس «دوجلاس إيركرافت» ورئيسها التنفيذي، قد بنى معظم الطائرات المدنية المستخدمة وقتها في سوق الطائرات المدنية، ولم يكن في حاجة إلى نموذج أولي تبتكره الشركة أو تصميم ذي حجم واحد يلائم كل الأغراض. كان دوجلاس يعرف أن قرار ألن كان يعتبر محاولة للدخول إلى عالم الطائرات النفاثة المدنية مع تحميل لوماي فاتورة ذلك. جلس دوجلاس في هدوء، ينتظر أن يتعرف على رغبة عملائه، ويرقب ما يجري بينما كانت «بوينج» تضع نفسها في مأزق صعب بابتكار طائرة تلائم احتياجات لوماي بدلا من احتياجات عملائها من شركات الطيران، ثم يطل هو بطائرته النفاثة الجديدة، وهي طائرة تفوق نظيراتها كثيرا، تكتسح السوق وتخلف «بوينج» وراءها تلعق جراحها.
كان دوجلاس على دراية بما يفعله. كانت الكابينة في النموذج الأولي لطائرة «بوينج» ضيقة للغاية بما لا يوفر الراحة للركاب، فضلا عن أن المدى الذي كانت تقطعه الطائرة قصير للغاية بما لا يجعلها تتفادى التوقف في محطات مؤقتة في رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي. انتظر دوجلاس حتى واتته الفرصة، ليفوز بعقد تصميم طائرة جديدة، هي «دي سي-8»، التي كانت تحتوي على محركات أكثر قوة يمكنها التزود بحمولات أثقل من الوقود؛ مما يمكنها من قطع المدى الكامل لرحلاتها عبر المحيط الأطلنطي دون توقف، فضلا عن كابينة ركاب أكثر راحة. بيد أن ألن كان على قدر هذا التحدي؛ فقد تقبل تكبد تكاليف إضافية عن طيب خاطر، فزود تصميم الطائرة الجديدة بجناح جديد أكبر حجما يتيح لها أيضا التزود بكمية أكبر من الوقود، كما وافق على تركيب المحركات الأحدث وتوسيع الكابينة كذلك. نجحت المحاولة؛ إذ فاقت طائرته الجديدة، «بوينج 707»، في مبيعاتها مبيعات طائرة «دي سي-8».
أطلقت شركة «بان أمريكان» أولى طائراتها النفاثة العابرة للمحيط الأطلنطي، الطائرة «بوينج 707»، في رحلة من نيويورك إلى باريس في أكتوبر 1958، وسرعان ما تبعتها شركات طيران أخرى في رحلات داخلية، وبحلول عام 1960 كانت طائرات «بوينج 707» تحلق في كل مكان في البلاد. اكتسبت مدينة سياتل، مقر شركة «بوينج»، ميزة جديدة عندما صارت شركة «بوينج» في مصاف الشركات العملاقة في مجال بناء الطائرات المدنية النفاثة. تدفقت أفواج المسافرين على الطائرات النفاثة الجديدة، التي كانت سرعتها وسبل الراحة فيها على النقيض تماما من الاهتزازات الشديدة وفترات السفر الطويلة في الطائرات الأولى التي كانت تعمل باستخدام المكابس. في غضون سنوات قليلة، باعت شركات الطيران الكبرى نماذج تلك الطائرات التي تعمل باستخدام المكابس إلى شركات الطيران المحلية، وانتقلت بالكامل إلى استخدام الطائرات النفاثة الجديدة.
بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من وجود بعض التفاصيل المهمة بالنسبة إلى المسئولين التنفيذيين في شركات الطيران، كالمسافة التي تقطعها الطائرة وحجم كابينة الركاب، فإن نموذجي «بوينج 707» و«دي سي-8» كانا يضاهيان النماذج التجارية من طائرة النقل التي طورها لوماي، «كيه سي-135»، حيث كانا يستخدمان محركات مطورة مباشرة من نموذج محرك «جيه-57». حدثت تطورات مشابهة في مجال الطاقة الكهربية، الذي لم يكن يحمل سوى القليل جدا من أوجه التشابه مع مجال الطيران التجاري؛ لكن، سنحت الفرصة هنا أيضا في مجال الطاقة الكهربية لتطبيق التكنولوجيا العسكرية لأغراض الاستخدامات المدنية؛ إذ طور أول مفاعلات توليد الطاقة من مفاعلات بحرية، مثل مفاعل غواصة «نوتلس» التابعة للبحرية الأمريكية.
لم يكن رؤساء شركات الكهرباء مهتمين بالذرة؛ إذ كانوا معتادين على توليد كميات تقدر بالميجا وات من الطاقة الكهربية من خلال السدود المائية، أو من خلال حرق الفحم أو زيت الوقود تحت غلاية لتوليد البخار. كان استخدام الطاقة الذرية سريا في البداية، وكانت الحكومة وحدها بحكم القانون هي الجهة الوحيدة المخول لها امتلاك مفاعلات خاصة بها. لكن خلال عامي 1953 و1954، اتخذ رئيسا هيئة الطاقة الذرية، جوردون دين ولويس شتراوس، خطوة رائدة في اتجاه نزع غطاء السرية عن الأنشطة النووية وإجراء تعديلات في القانون. كذلك، بنى شتراوس - الذي قال في تصريح شهير عام 1954 أن الطاقة النووية ستصبح زهيدة التكلفة للغاية، بما لا يجعل فرض رسوم على استهلاكها ذا جدوى اقتصادية - مفاعلا قويا في مختبر أرجون الوطني التابع لهيئة الطاقة الذرية قرب شيكاجو، ليكون بمنزلة محطة تجريبية.
أدى هذا الجهد الفردي إلى بناء أول محطة تجارية حقيقية. تمخضت هذه المبادرة عن شراكة بين الأدميرال ريك أوفر وهيئة الطاقة الذرية وشركات الكهرباء؛ حيث تعاقدت هيئة الطاقة الذرية مع شركة «وستينجهاوس» لبناء المفاعل. تولت شركة «دوكين لايت» - وهي شركة كهرباء في بيتسبرج - بناء المفاعل في شيبنجبورت بولاية بنسلفانيا واتفقت على تشغيله، بينما شجع ريك أوفر العمل في المشروع بفضل حماسه المميز واهتمامه الملموس. كان مقدار القدرة الكهربية التي كان هذا المفاعل يستطيع توليدها لا يتجاوز 60 ميجا وات، وهي قدرة صغيرة نسبيا، لكن سرعان ما تلته مفاعلات أخرى أكثر قدرة.
في عام 1955، أعلنت هيئة الطاقة الذرية - في إطار جهودها لتشجيع الشركات الأخرى على المشاركة في المشروع - عن بدء الجولة الأولى من برنامج المفاعلات النووية التجريبية لتوليد الطاقة الكهربية. تضمنت هذه المبادرة مجموعة من حزم الدعم المالي والمساعدة الفنية لتحفيز شركات الكهرباء لتمويل عمليات إنشاء محطات نووية كاملة. اقتنع الكثير من الشركات واستجابوا للمبادرة، بينما أعلنت شركتان - هما شركة «كونسيليداتيد إديسون» في نيويورك، وشركة «كومنولث إديسون» في شيكاجو - أنهما ستبنيان محطات بتمويل كامل من القطاع الخاص، وبقدرة نووية تصل إلى ثلاثة أضعاف القدرة النووية في شيبنجبورت. لم تكن هاتان الشركتان لتقبلا بعرض هيئة الطاقة الذرية على علته، بل كانتا ترغبان في اكتساب خبرة مباشرة فيما يتعلق بالتكلفة الحقيقة لهذه التكنولوجيا الجديدة.
دخلت محطة «شيبنجبورت» الخدمة في أواخر عام 1957، ونظرا لما حازته من الخبرة التشغيلية، صارت مدرسة للمسئولين التنفيذيين والمهندسين الإداريين. في تلك الأثناء، كانت شركات بناء المفاعلات - «وستينجهاوس» و«جنرال إلكتريك» و«بابكوك آند ويلكوكس» - تروج لمنتجاتها بكثافة. في أواخر عام 1960، أطلقت شركة «ساوذرن كاليفورنيا إديسون» مبادرة نحو بناء محطة تتسم بقدرة كبيرة حقا عندما أعلنت عن بناء محطة بقدرة 375 ميجا وات جنوب لوس أنجلوس، بمساعدة هيئة الطاقة الذرية. بعدها بأشهر قليلة، تقدمت شركة «باسيفيك جاس آند إلكتريك» في سان فرانسيسكو بخطة مماثلة لبناء محطة خاصة بها بقدرة 325 ميجا وات، دون أي دعم مالي أو مساعدة فيدرالية.
حدث التطور الحقيقي بعدها بثلاث سنوات، تحديدا في عام 1964، عندما أعلنت شركة «جيرسي سنترال باور آند لايت» أن محطتها المزمع بناؤها في أويستر كريك ستنتج فعليا طاقة كهربية بتكلفة أقل من تكلفة إنتاجها في المحطات التي تعمل بالفحم؛ أدى هذا التصريح إلى طفرة هائلة بين شركات بيع المفاعلات النووية، بينما حاول المسئولون التنفيذيون في شركات الفحم التصدي للأمر بخفض الأسعار لديهم؛ لكن لم يفلح الأمر. تصدرت الطاقة النووية خلال عام 1965 سوق الطاقة بقوة، وخلال السنوات العديدة التي أعقبت ذلك، أصبحت الطاقة النووية تمثل نصف القدرة الجديدة المطلوبة من قبل شركات الكهرباء الأمريكية.
Page inconnue