وإلا فكيف كانت الخلافة صائرة إلى غير ما صارت إليه وهي محصورة يومئذ في قريش؟
وإلى من كانت تصير؟
إن الذين تولوها بعد أبي بكر من صحابة النبي هم عمر وعثمان وعلي ومعاوية. فأي هؤلاء كان أظهر حقا، وأقرب طريقا، وأدنى من الصديق إلى اتفاق المسلمين عليه؟
أهو عمر؟ لقد كان أصغر من أبي بكر بنحو عشر سنين، ولم تكن له سابقة في الإسلام وفي صحبة النبي، ولم تكن ألفة الناس له كألفتهم لأبي بكر، وليس هو بأقوى عصبة منه بين بطون قريش، وليس هو بالذي يشغب على أبي بكر ويعصيه لطمع في الخلافة إذا تقدم إليها بل كان هو أول من بايعه وحث الناس على بيعته. وقال له: أنت أفضل مني.
فقال أبو بكر: وأنت أقوى مني.
فعاد عمر يقول: وإن قوتي لك مع فضلك.
وكان هذا فصل الخطاب ومرجع الاختيار الذي لا تفويت فيه لفضل ولا قوة، ولا تضييع فيه لفرصة أبي بكر التي لا فرصة بعدها. أما عمر فله بعد ذلك فرصته حين يأتي أوانها.
أفكانت تصير إذن إلى عثمان بن عفان؟
إن عثمان رضي الله عنه أسلم على يدي أبي بكر، وقد كانت معه عصبية بني أمية وهي عصبية قوية، ولكن زعامة تلك العصبية كانت في يد أبي سفيان يومذاك، ولا طريق له إلى الخلافة وإن طمع فيها، وتنزه عثمان مع هذا أن يركن إلى تلك العصبية ليزاحم أبا بكر في حق لا ينكره ولا ينفسه عليه.
أفكانت تصير إذن إلى علي بن أبي طالب؟!
Page inconnue