9
فتأكله. ... وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ...
فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله فسلم، ثم جلس وتشهد، ثم قال: أما بعد يا عائشة فإني قد بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه.
فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله! فقال: والله ما أدري ماذا أقول لرسول الله.
فقلت لأمي: أجيبي عني. فقالت كذلك، والله ما أدري ماذا أقول لرسول الله.
قلت - وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: إني والله قد عرفت أنكم سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به، فإن قلت لكم إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لتصدقوني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
ثم تحولت فاضطجعت على فراشي. ... فوالله ما رام رسول الله مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله - عز وجل - على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان
10
من العرق في اليوم الشاتي.
فلما سري عن رسول الله وهو يضحك كان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة! ... أما الله فقد برأك.
Page inconnue