أن الإسلام شرع الجهاد، وأن النبي عليه السلام قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله.»
وجاء في القرآن الكريم:
فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا (النساء: 84).
وحدث فعلا أن المسلمين فتحوا بلادا غير بلاد العرب، ولم يفتحوها ولم يكن يتأتى لهم فتحها بغير السلاح.
إلا أن هذه الفتوح تأخرت في الزمن، ولم يتم شيء منها قبل استقرار الدولة للإسلام، فلا يمكن أن يقال إنها كانت هي وسيلة الإسلام للظهور، وقد ظهر الإسلام قبلها وتمكن في أرضه، واجتمعت له جنود تؤمن به وتقدم على الموت في سبيله.
ثم إن هذه الفتوح كانت تفرضها سلامة الدولة إن لم تفرضها الدعوة إلى دينها ...
فلو قدرنا أن الخليفة المسلم لم يكن صاحب دين ينشره ويدعو إليه، لوجب في ذلك العهد أن يأمن على بلاده من الفوضى التي شاعت في أرض فارس وفي أرض الروم ... ووجب أن يكف الشر الذي يوشك أن ينقض عليه من كلتيهما، وأن يمنع عدوى الفساد أن تسري منهما إلى حماه.
هذا إلى أن الإسلام قد أجاز للأمم أن تبقى على دينها مع أداء الجزية والطاعة للحكومة القائمة، وهو أهون ما يطلبه غالب من مغلوب.
والحقيقة السادسة:
أن المقابلة بين ما كانت عليه شعوب العالم يومئذ قبل إسلامها وبعد إسلامها تدل على أن جانب الإسلام هو جانب الإقناع لمن أراد الإقناع ...
Page inconnue