قال سعيد: «فإذن سنراها الليلة. إني طالما سمعت بجمالها.»
فقطع ياسر كلامه قائلا: «ولكنه أمرني أن تجالسكم من وراء الستار، وكثيرا ما يفعل ذلك في مثل هذه الحالة؛ لأنه شديد الغيرة عليها.»
فقال سعيد: «من وراء الستار؟ وما هي لذته بمجالستها على هذه الصورة؟»
قال ياسر: «هو لا يحجبها إلا إذا حضر مجلسه أحد من الرجال غيرة عليها، والليلة ستكون أنت حاضرا. أين أجدك لأذهب بك إلى ذلك المجلس؟»
قال سعيد: «إني ذاهب للاستراحة قليلا، وربما نمت ساعة استعدادا للسهر.»
قال ياسر: «سأمر بك وقت العشاء، ونذهب معا إلى بيت المنام، أو أرسل إليك من يأتي بك إلي» ووقف سعيد فوقف ياسر وودعه وخرج إلى غرفته، ولم يكن يطلب النوم، وإنما أراد أن يخلو بنفسه للتفكير فيما يكون تلك الليلة.
وبينما هو متوسد هناك، وقد دنا الغروب، إذ سمع جلبة وقهقهة في ساحة القصر، فأصغى فإذا بجماعة من الخصيان يداعبون خصيا منهم وهو يصيح فيهم.
فلما سمع سعيد صوته استبشر، وعلم أنه قادم إليه، وقال في نفسه: «أتى جوهر الخبيث.»
ثم هدأت الجلبة، وبعد قليل دخل على سعيد خصي قصير القامة غريب الهيئة، قصير الساقين، كبير الرأس، واسع الوجه، بارز الجبهة، قبيح الخلقة، عليه ملابس ثمينة، مظهره يضحك الثكلى لغرابته، على رأسه قبعة طويلة مخروطية الشكل في رأسها شرابة، وعليه جبة من خز مطرزة، تحتها قفطان من حرير أحمر لامع. دخل على سعيد ولم يحي، فنهض سعيد وقال له: «ما الذي جاء بك يا جوهر؟»
فتقدم الغلام وقبل يد سعيد وقال: «أتيت أعرض عليك خدمة أقوم بها.»
Page inconnue