Abdul Rahman Al-Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Genres
أن يظهر الشفقة على الضعفاء والغيرة على الدين والعلاقة بالوطن. (11)
أن يتباعد من مقاربة المستبد وأعوانه إلا بمقدار ما يأمن شرهم إن كان معرضا لذلك.
قال بعد سرد هذه الصفات: «فمن يبلغ سن الثلاثين - فما فوق - حائزا على الصفات المذكورة يكون قد أعد نفسه على أكمل وجه لإحراز ثقة قومه ... وبهذه الثقة يفعل ما لا تقوى عليه الجيوش والكنوز.»
وربما بالغ الكواكبي في التوصية باجتناب المظهر الذي يثير الحسد ويغري بالمقاومة في دور الدعوة والإقناع وتأليف الأنصار والأعوان؛ بل قد بلغ من الحرص على ذلك أنه أثبته في خاتمة أم القرى، فجعل «مظهر الجمعية العجز والمسكنة»، وأوصاها في القضية السابعة والأربعين بأن «لا تقاوم ولا تقابل إلا بأساليب النصيحة والموعظة الحسنة وتلاطف وتجامل جهدها من يعادي مقاصدها ... إلا في الضرورات».
إلا أنه لا ينكر على المصلح الذي انقادت له زعامة الأمة أن يدفعها دفعا إلى التقدم والخير؛ لأنه يقرر غير مرة أن بلاء الشرق «فقد السراة والهداة، فلا أمير عام حازم مطالع يسوق الأمة طوعا أو كرها إلى الرشاد، ولا حكيم معترف له بالمزية والإخلاص تنقاد له الأمراء والناس، ولا تربية قويمة ينتج منها رأي عام لا يطرقه تخاذل وانقسام».
الفصل التاسع عشر
التربية المدرسية
تنظيم التربية المدرسية عمل يستقل به خبراؤه المختصون بالإشراف على إدارة المدارس وتحضير مناهج التدريس، وفي وسعهم أن يحصروا المعلمين والمتعلمين ويقسموا لمعاهد التربية مراحلها التي تكفي لأوقات الاستعداد وأوقات التكملة والانتهاء، على حسب الحاجة المتجددة إلى كل صنف من أصناف الدراسات.
وربما بدأت أعمال هؤلاء الخبراء عند نهاية العمل السابق الذي يتصدى له الإمام المصلح لحث الأمة على افتتاح المدارس وتعليم الأبناء، فليس «تصنيف» المواد المدرسية من عمل الإمام المصلح في دور التنبيه والاستنهاض والحض على طلب العلم كله، كائنا ما كان.
ولكن الإمام الكواكبي قد نشأ في عصر ثقافي مريج ملتبس المظاهر بالحقائق، كثير البقايا من الماضي والطلائع من المستقبل، فاضطر إلى مهمة من مهام «التخليص» بين البقايا والطلائع، ووجب عليه المشاركة في «تصنيف العلوم» المدرسية؛ ليميز على الأقل صفة العالم الجدير بمكانة الإرشاد والهداية وصفة العلم الذي يفضل في رسالته الأولى؛ وهي كفاح الاستبداد والدعوة إلى الحرية.
Page inconnue