Nasser et la gauche égyptienne
عبد الناصر واليسار المصري
Genres
والعالم المعاصر متشابك متكامل وليست هناك قضية أو مشكلة منفصلة عن باقي القضايا ... ولا تستطيع دولة ولا يستطيع شعب يريد أن يثبت جدارته وأن يؤكد ذاتيته أن يدير ظهره لصراعات ومتغيرات العالم ويتصور بهذا أنه يحتمي منها، ولا بد للبلد الذي ينشد حماية حقيقية لسيادته أن يواجه العصر وأن يحدد مبادئه، كما يحدد مواقفه ومصالحه، وبذلك لا يتجاوزه التاريخ أو يجرفه.
وقد أصبحت مصر «الناصرية» بسياستها الخارجية وبدورها العربي، ودورها الآسيوي الأفريقي، وعلاقاتها ومحالفاتها مع قوى الثورة والوطنية والاشتراكية في العالم، قوة لا يملك أحد أن يتجاهلها ولا أن يمس حرماتها.
وإذا كانت قد حدثت أخطاء في السياسة الخارجية العربية أو الدولية، فإنها لم تقض علينا ولم تكسرنا، ولكنها عركتنا.
وقد كانت مصر المستقلة تخرج إلى العالم وتمارس السياسة العربية والدولية لأول مرة، وفي عالم معقد غير متكافئ وكان نجاحها باهرا، لا يقاس في شيء بالأخطاء التكتيكية التي حدثت.
قام عبد الناصر بثورة وطنية هدفها الأول هو الاستقلال، وكان يكفيه دورا وفخرا أنه حققه.
ولكنه أدرك منذ اللحظة الأولى أن القضية الوطنية لا تنفصل عن قضية أخرى لا تقل أهمية وهي القضية الاجتماعية، وأنهما وجهان لقضية واحدة، وأن تحرير مصر من الاستعمار لا بد أن يعني تحررها من جوهر الاستعمار وأساسه وهو الاستغلال.
والاستعمار لا يسود الأرض ولكن يستغل ويستنزف الشعب، والحرية لهذا لا تعني فقط استعادة السيادة، ولكن بناء مجتمع جديد يسترد فيه كل مصري وقعت عليه الوطأة الاستعمارية حقوقه كاملة.
وقد تدرجت القضية الاجتماعية من تصفية الإقطاع ورأس المال الكبير والاحتكاريين حتى تمصير الاقتصاد ورفع كل سيطرة لرأس المال الأجنبي، حتى التأميم وإعلان الاشتراكية ذلك أن تمصير الاقتصاد لا يعني تحريره؛ لأن طبقة جديدة مستغلة سوف تقوم مكان الأجنبي. إنما يجب أن تنتقل الثروة إلى مالكها الشرعي؛ وهو الشعب.
ومنذ إعلان الاشتراكية أصبح تحقيقها هو جوهر كل السياسات الداخلية والخارجية، ولا تقاس مشاق التحرر الوطني في شيء بمصاعب التحمل الاجتماعي، خاصة في مجتمع مثل المجتمع المصري؛ يزخر بالتناقضات ويحمل رواسب استعمارية إقطاعية رأسمالية عمرها آلاف ومئات الأعوام!
كشف حساب الأخطاء
Page inconnue