Nasser et la gauche égyptienne
عبد الناصر واليسار المصري
Genres
وفي جميع المناصب التي تولاها حسين ذو الفقار صبري بعد الثورة (مستشارا لرئيس الجمهورية، ووكيلا لوزارة الخارجية، وسفيرا في سويسرا) كانت سمعته دائما نقية، ونزاهته فوق كل شك.
ومن هنا خطورة هذا المقال، الذي كتبه خصيصى لروز اليوسف. •••
يثير الدهشة حقا أن أطراف النزاع حول «التجربة الناصرية» قد تجاهلوا جميعا، وما زالوا يتجاهلون، دور التكوين الشخصي والنفسي لجمال عبد الناصر فيها!
ذلك أن أية «تجربة» في عهد الثورة، سواء تعلقت بشكل المجتمع وأهدافه، أو ضربت باتجاهها إلى مجالات أخرى، قد خضعت خضوعا تاما لمزاج تكوينه الشخصي ... وطبع عليها بصمات واضحة عميقة الأثر.
وما من ميدان جد إليه جمال عبد الناصر باهتماماته - وإني لأحار حين أبحث على ساحة أو خباء لم يجد إليها باهتماماته - إلا ونجده كان قد سوي من جديد؛ فاليسار المصري بعد التجربة الناصرية جد مختلف عن اليسار قبلها، وليس اليمين هو اليمين، وما من شيء على أرض مصر إلا وبه شاهد أن قد كابد تجربة ناصرية، تركته على غير ما كان.
وإن أية دراسة للعلاقات بين تيار ما من تيارات الحياة في مصر وبين تجربته الناصرية؛ لقاصرة عن الارتقاء إلى الموضوعية ما لم يصاحبها تحليل دقيق لشخصية جمال عبد الناصر، فذة متفردة، لا تتفاعل وإنما تنفعل، لا تأخذ فتعطي، وإنما تعتسر!
من زعيم إلى نبي
هو زعيم ما في ذلك من شك رجل تجمعت في كيانه مقومات الزعامة جميعا، شخصية مهيبة، شديدة الاعتزاز، تتميز بجرأة وتصميم، منبثقة عن سعة صبر واستيثاق.
جهز لثورة هدفها الإطاحة بالقديم، خطط لها مع زملائه في سرية بالغة، في بلد يهيم أبناؤه بالتشدق بما يعرفون وما لا يعرفون، تباهيا بأنهم وحدهم العالمون ببواطن الأمور، وتظل رغم ذلك شخصيته خافية على أقرب المقربين، دليلا صادقا على رصانة وفراسة في التقدير، صفات سوف تلازمه فلا يأمن إلا لكل كتوم، هم وحدهم «أهل الثقة» لا يعنيه أن يكونوا أهل خبرة أو علم.
ثورة تحرك بها قبل الميعاد الذي كان قيد لها بأعوام؛ إذ تشعر السلطة القائمة أن شيئا ما يجري تدبيره في الخفاء، فيزمع ويقدم مقامرا، عسى أن تتحقق المفاجأة، صفات أخرى سوف تلازمه فإنها من صميم تكوينه، أن يقامر فيأخذ الغير على غرة، قبل أن تتهيأ له فرصة الاستعداد.
Page inconnue