Nasser et la gauche égyptienne
عبد الناصر واليسار المصري
Genres
ما هي خلاصة الدراسة التي رحبنا بنشرها في روز اليوسف احتراما لحرية الرأي؟
هي بكلمات د. فؤاد «محاولة تشير إلى طريق الخلاص لليسار، في نفس الوقت الذي تكشف فيه عن أخطائه الماضية والحاضرة ... وتحذير مخلص إلى اليسار بأن ينفض عن نفسه غبار تجربة فاشلة هي الناصرية.»
قبل الدخول في تناول دراسة د . فؤاد بالتعليق أحب أن أوجز علاقة اليسار بثورة 23 يوليو لأضع صاحب الدراسة والقارئ في دائرة ضوء ضرورية لكي تنتقل المناقشة إلى ساحة أكثر صلابة.
لم يعد سرا أن علاقة اليسار بثورة 23 يوليو سبقت قيامها. وبالتحديد فإن تنظيما ماركسيا واسع النفوذ هو «الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني» كان على علاقة عضوية وفكرية بتنظيم الضباط الأحرار منذ النشأة حتى الاستيلاء على السلطة. ولقد كان أول بيان سياسي يؤيد الثورة في ساعاتها الأولى هو بيان من هذا التنظيم إلى الشعب ومنشور إلى أعضائه بالدعوة إلى تأييد الثورة كل في مجاله. وإذا كان هذا التنظيم قد تعرض لنكسة قصيرة في موقفه عن تفهم طبيعة الثورة فقد نجح على الدوام في كسب فصائل اليسار، الرافضة لثورة 23 يوليو، إلى موقفه بدرجات متفاوتة، حين كانت تخرج بالتطرف إلى حدود مناوأة الثورة باعتبارها انقلابا عسكريا أو فاشيا أو سلطة تمثل الرأسمالية الكبيرة أو الاحتكار المصري.
ثورة 23 يوليو إذن ليست ظاهرة سياسية بعيدة عن اليسار مقطوعة الصلة به تتعامل معه بالقمع أو الاحتضان القاتل. هذا الفصل غير قائم ولم يكن قائما، وهذه مسألة جوهرية لا اليمين يحسب حسابها في هجمته على ثورة 23 يوليو، ولا الدكتور فؤاد زكريا في دراسته حسب حسابها، ولعل الخطأ الأكبر، سواء بالنسبة لعبد الناصر أو لليسار كان في غياب هذه الحقيقة عن أحدهما أو كليهما خلال مجرى الثورة في فترات تقصر أو تطول. وفي اللحظة الراهنة فإن الخطر الأكبر أيضا سواء بالنسبة لليسار أو القوى الوطنية التي تدين بمبادئ الناصرية - في السلطة أو خارجها - هو غياب هذه الحقيقة: إن بين ثورة 23 يوليو واليسار المصري علاقة عضوية وفكرية وكفاحية.
وذلك بالتحديد هو الباب الذي نفذت منه كافة سلبيات ثورة 23 يوليو، أقصد غياب حقيقة العلاقة العضوية والفكرية والكفاحية عن واحد من الطرفين أو عنهما معا.
من هذا الباب كان يدخل التطرف العدائي من جانب بعض فصائل اليسار.
ومن هذا الباب كان يدخل انزلاق سلطة 23 يوليو إلى كمائن الرجعية أحيانا، والعزلة عن الجماهير أحيانا، والتراخي أمام انحرافات الطبقة الجديدة في مؤسسات الدولة والحياة العامة.
أردت بهذا الشرح لطبيعة العلاقة بين ثورة 23 يوليو واليسار أن أوضح للدكتور فؤاد ابتداء، كيف يستحيل على اليسار المصري أن ينفذ نصيحته بأن ينفض يده من تجربة فاشلة، كما يسمي ثورة 23 يوليو، فليس من المعقول أن ينفض تيار سياسي يده من تجربة مهد لها بقيادته لحركة شعبية عنيفة هزت أركان النظام القديم، وامتدت في مطلع عام 1946م حتى مطلع عام 1952م، ثم يساهم في قيامها وإعداد أداتها بالفكر والمطبعة السرية والمنشور السياسي، وبإنجاز الدور العنيف ليلة استيلائها على السلطة، بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة، ثم كان أول من أيدها علنا، وتعارك مع فصائلها الأخرى - عن اعتقاد بأنه يصحح مسارها - عراكا كلفه السجن والاستشهاد فيه أحيانا، وكلفه عمر جيل بأسره من أبنائه بوجه عام.
إن بصمات اليسار المصري موجودة - شاء هذا الطرف أو ذاك من فصائل الثورة أم أبى - على البرنامج السياسي للضباط الأحرار قبل تولي السلطة، موجودة على المبادئ الخمسة، موجودة على قوانين الإصلاح الزراعي، موجودة على مبادئ باندونج، موجودة على تأميمات المعاقل الكبرى للرأسمالية المصرية، موجودة على الميثاق وبيان 30 مارس، موجودة على حملات النقد للتطبيق الاشتراكي، موجودة على حملة تهريب الأرض حين ضبط الإقطاع متلبسا بطعن قوانين الإصلاح الزراعي من الخلف، موجودة على حملات الأقلام اليسارية لكشف السوق السوداء وكافة وسائل الانحراف بالمسار الشعبي للثورة، موجودة على المحاولات الجادة الوحيدة للتصدي لمراكز القوى، وبتضحيات لا أشك في أن الدكتور فؤاد يلم ببعضها.
Page inconnue