فقال له فرعون الذي كلل هامته المشيب: إن فرعون يهنئك أيها القائد الظافر على إخلاصك وبسالتك، ويرجو أن تمد الآلهة في عمرك لينتفع الوطن بمواهبك.
وتعطف فرعون ومد يده إلى القائد الشاب الذي لثمها باحترام عميق، وقلبه يدق دقا عنيفا، وسأله الملك: ما عدد جنودي الذين استشهدوا في سبيل الوطن وفرعون؟
فقال ددف بصوت خافت: استشهد من الأبطال ألف يا مولاي. - وما عدد الجرحى؟ - ثلاثة آلاف يا مولاي.
فصمت قليلا ثم قال: إن الحياة العظيمة توجب تضحيات عظيمة، فسبحان الرب الذي يخلق الحياة من الموت.
ونظر الملك إلى ددف طويلا ثم قال: لقد أديت لي خدمتين جليلتين، فأنقذت بالأولى حياة ولي عهدي، وأنقذت بالثانية طمأنينة شعبي، فماذا تطلب؟
رباه! جاءت الساعة الرهيبة التي طالما منى نفسه بها، وطالما صورت لقلبه في الأحلام السعيدة، وكان ددف شجاعا لا يفقد جنانه في المواقف العظيمة فقال: مولاي، ما فعلت في الاثنتين إلا ما يفرضه الواجب على الجندي فلا أطلب لقاءهما ثمنا، ولكن لي أمنية أتقدم بها تقدم الطامع في رحمة مولاه.
فقال الملك: وما هي أمنيتك أيها القائد؟
فقال ددف: إن الآلهة يا مولاي لحكمة تعلمها سمت بقلبي البشري إلى سموات مولاي الملك، فتعلق بأقدام مولاتي الأميرة مري سي عنخ.
فنظر إليه فرعون نظرة غريبة وسأله: لكن ماذا صنعت الآلهة بقلب الأميرة؟
فارتبك ددف وخيم عليه صمت ثقيل، فابتسم فرعون وقال: يقولون إنه لا يدخل إلى قدس الرب عبد إلا كان مطمئنا إلى رضاه، وسنرى ما إذا كان هذا حقا!
Page inconnue