فالتهب وجه الشاب دما وسكت عن الكلام، فأشفق نافا من إغضابه فقال: لبيك أيها الجندي.
فقال ددف بتضرع: لا تفرط في هذه الصورة يا نافا.
فقام نافا إلى الصورة ورفعها من مكانها وقدمها إلى أخيه وهو يقول: هي لك يا ددف العزيز.
فوضعها ددف بين يديه برفق كأنه يمسك بقلبه، وقال بصوت الممتن الشكور: شكرا لك يا نافا!
وجلس نافا راضيا، وأما ددف فلازم وقفته لا يريم ... واستغرق في تأمل الفلاحة الإلهية ثم قال: كم يفتن الخيال المبتدع!
فقال نافا بهدوء: ليست من خلق الخيال.
فزلزل قلب الشاب وسأل برجاء: أتعني أن صاحبتها من الأحياء؟ - نعم ... - وهل ... وهل هي كصورتها؟ - ربما فاقتها حسنا ... - نافا!
فابتسم الفنان، وسأله الشاب المفتون: أتعرفها؟ - رأيتها مرات على شاطئ النيل. - أين؟ - شمال منف. - هل تذهب دائما إلى هناك؟ - كانت تذهب كل أصيل هي وأخوات لها، فيجلسن ويلعبن، ويختفين مع اختفاء الشمس ... وكنت أتخذ مكاني خفية خلف شجرة الجميز، وأنتظر حضورهن بفارغ الصبر! - وهل يواظبن على حضورهن؟ - لا أدري؛ فقد انتهت متابعتي لهن بانتهائي من الصورة.
فنظر إليه بارتياب وسأله بخوف: وكيف استطعت؟
فابتسم نافا وقال: هذا جمال أعبده ولكني لا أحبه.
Page inconnue