فقالت الأم: فلتحفظك الآلهة يا بني.
وسأله نافا: وهل ترمي الرمح وتطلق السهام؟
فقال ددف يشرح لأخيه نظام المدرسة بإسهاب التلميذ المفتون: كلا ... إننا نتدرب في السنة الأولى على الألعاب وركوب الخيل والسباحة، وفي السنة الثانية نتعلم المبارزة بالسيف والخناجر والمزاريق، وفي السنة الثالثة نتمرن بالرماح، وتلقى علينا دروس نظرية، والسنة الرابعة للقسي والعلوم التاريخية، والسنة الخامسة للتدريب على العجلات الحربية، أما العام السادس فللعلوم الحربية وزيارة القلاع والحصون.
فقال نافا: إن قلبي يحدثني بأني سأراك قائدا كبيرا يا ددف ... إن وجهك يثير في النفس الحماس، لا ريب في هذا فإن صناعتي استيحاء السجايا من ملامح الوجه ...
وكأن ددف تذكر أمرا هاما فتساءل باهتمام: أين خنى؟
فقال بشارو: ألا تعلم أنه انخرط في سلك الكهنوت؟ وأنهم يحتفظون به الآن خلف جدران معبد بتاح، ويلقنونه العلوم الدينية، ويفقهونه في الأخلاق والفلسفة في عزلة بعيدة عن جلبة الدنيا وضوضائها. وإنه ليتدرب على حياة هي أقرب الحيوات شبها بحياة الجندية؛ فهو يغتسل في النهار مرتين وفي الليل مرتين، ويحلق شعر رأسه وبدنه، ويلبس الصوف، ويصرف عن أكل السمك ولحم الخنزير والبصل والثوم ... إنه يا بني يجوز أشد الامتحانات قسوة، ويلقن أسرار العلم المحرمة على غيره من البشر، فلندع له جميعا أن تثبت الآلهة قدمه؛ لتخلق منه خادما مخلصا لها ولعبادها المؤمنين.
فقالوا جميعا في نفس واحد: آمين!
وسأل ددف: ومتى يسعدني الحظ برؤيته؟
فقال نافا بلهجة أسيفة: لن تراه قبل أربع سنوات وهي سنو التجربة العظيمة.
فاكفهر وجه ددف حزنا وشوقا إلى معلمه الأول، أما زايا فسألته: وكيف نراك بعد اليوم؟ - في أول كل شهر.
Page inconnue