90

Les Larmes

العبرات

Maison d'édition

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Régions
Égypte
عَالِقَة بِنَافِذَة غُرْفَتهَا اَلَّتِي كَانَتْ تَجْلِس إِلَيْهَا كُلّ لَيْلَة فَعَجِبَتْ لِذَلِكَ كُلّ اَلْعَجَب وَخَفَقَ قَلْبهَا خَفْقًا مُتَدَارِكًا وَرَأَتْهُ يَضُمّ إِلَى صَدْره هنة بَيْضَاء أَشْبَه بِالرُّقْعَةِ ضَمًّا شَدِيدًا فَأَكْبِت عَلَيْهِ لِتَتَبَيَّنهُ وَتَرَى مَا يَضُمّ إِلَى صَدْره فَإِذَا اَلرُّقْعَة رَسَمَهَا وَإِذَا هُوَ جلبرت يَجُود بِنَفْسِهِ وَيُرَدِّد بِصَوْت خَافِت مُتَغَلْغِل كَأَنَّهُ أَصْوَات اَلْمُعَذَّبِينَ فِي أَعْمَاق اَلْقُبُور الوادع يَا سُوزَان اَلْوَدَاع يَا سُوزَان فَفَهِمَتْ كُلّ شَيْء فَصَرَخَتْ صَرْخَة عُظْمَى دَوَّى بِهَا اَلْفَضَاء وَقَالَتْ:
آه لَقَدْ قَتَلَتْك يَا اِبْن عَمِّي ثُمَّ سَقَطَتْ عَلَى يَده تَقْبَلهَا وَتُبَلِّلهَا بِدُمُوعِهَا وَتَقُول هَا أنذا يَا جلبرت جَاثِيَة تَحْت قَدَمَيْك فَارْحَمْنِي وَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَدْ أَصْبَحَتْ اِمْرَأَة بَائِسَة شَقِيَّة لَيْسَ عَلَى وَجْه اَلْأَرْض مَنْ هُوَ أَحَقّ بِالرَّحْمَةِ مِنِّي وَكَأَنَّمَا أَحَسَّ بِنَغْمَة صَوْتهَا فَارْتَعَدَ قَلِيلًا ثُمَّ مَالَ بِنَظَرِهِ نَحْوهَا حَتَّى رَآهَا فَسَقَطَتْ مِنْ جَفْنه دَمْعَة حَارَّة عَلَى يَدهَا كَانَتْ آخِر عَهْده بِالْحَيَاةِ وَقَضَى.
وَلِمَا دَنَا مِنِّي اَلسِّيَاق تَعَرَّضَتْ
إِلَى وَدُونِي مِنْ تَعَرُّضهَا شَغَلَ
أَتَتْ وَحِيَاض اَلْمَوْت بَيْنِي وَبَيْنهَا
وَجَادَتْ بِوَصْل حِين لَا يَنْفَع اَلْوَصْل
جَثَتْ سُوزَان بِجَانِب جُثَّة جلبرت سَاعَة قَضَتْ فِيهَا مَا يَجِب عَلَيْهَا لِابْن عَمّهَا وَخَطِيبهَا وعشيرها اَلَّذِي أُحِبّهَا حُبًّا لَمْ يُحِبّهُ أَحَد مِنْ قَبْله أَحَدًا حَتَّى مَاتَ حَسْرَة عَلَيْهَا ثُمَّ استفاقت فَذَكَرَتْ اِبْنَتهَا وَأَنَّهَا تَرَكَتْهَا عَلَى تِلْكَ اَلرَّبْوَة نَائِمَة وَحْدهَا فَعَادَتْ إِلَيْهَا مُسْرِعَة

1 / 94