25

Les Larmes

العبرات

Maison d'édition

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Régions
Égypte
دَخَلَ اَلسَّجَّان عَلَى اَلْفَتِيّ عَشِيَّة لَيْلَة فِي مَحْبِسه فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَمَدَّ يَده إِلَى سِلْسِلَته اَلْمُثَبَّتَة فِي اَلْجِدَار فَانْتَزَعَهَا مِنْ مَكَانهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَلَمْ يُسَائِل نَفْسه هَلْ هِيَ سَاعَة نَجَاته أوس اعة حَمَّامه ثُمَّ قَادَهُ إِلَى خَارِج اَلْمَحْبِس حَتَّى وَصَلَ بِهِ إِلَى صَخْرَة جَاثِمَة عَلَى مَقْرُبَة مِنْ مُجْتَمَع اَلْقَبِيلَة فَشَدّ سِلْسِلَته إِلَيْهَا وَتَرْكه مَكَانه وَمَضَى فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَرَأَى مَكَانًا غَيْر مَكَانه وَمَنْظَرًا غَيْر مَنْظَره وَسَمَّاهُ وَأَرْضًا غَيْر سَمَائِهِ وَأَرْضه فَبَدَأَ شُعُوره يَعُود إِلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى استفاق فَتَذَمَّرَ مَا كَانَ فِيهِ وزاى مَا صَارَ إِلَيْهِ.
هُنَا تُذَكِّر اَلسَّعَادَة وَالشَّقَاء وَالْغُرْبَة وَالْوَطَن وَالسِّجْن وَظُلْمَته وَالْقَيْد وَوَطْأَته ثُمَّ طَارَ بِخَيَالِهِ إِلَى مَا وَرَاء اَلْبِحَار فَذِكْر أُمّه وَشَقَاءَهَا مِنْ بَعْده وَحَنِينهَا وَيَأْسهَا مِنْ لِقَائِهِ فَذَرَفَتْ عَيْنَيْهِ دَمْعَة كَانَتْ هِيَ أَوَّل دَمْعَة أَرْسَلَهَا مِنْ جَفْنَيْهِ مِنْ تَارِيخ شَقَائِهِ وَمَا زَالَ يُرْسِل اَلْعَبْرَة إِثْر اَلْعِبْرَة لَا يَهْدَأ وَلَا يستفيق حَتَّى مَضَى شَطْر مِنْ اَللَّيْل وَهَدَأَ اَلنَّاس جَمِيعًا فِي مَضَاجِعهمْ فَأُسَلِّم رَأْسه إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَذَهَب بِخَيَالِهِ إِلَى حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَذْهَب.
فَإِنَّهُ لكذلك وَقَدْ رنقت فِي عَيْنَيْهِ سِنَة مِنْ اَلنَّوْم إِذْ شَعَرَ بِيَد تَلَمُّس كَتِفَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسه فَإِذَا شَبَح أَبْيَض قَائِم فَوْق رَأْسه فَخُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّ مَلَكًا نُورَانِيًّا نَزَلَ إِلَيْهِ عَنْ عَلْيَاء اَلسَّمَاء لِيُنْقِذهُ مِنْ شَقَائِهِ فَتُبَيِّنهُ فَإِذَا فَتَاة جَمِيلَة بَيْضَاء مَا اِلْتَفَّتْ اَلْأَزْر عَلَى مِثْلهَا حُسْنًا وَبَهَاء تَتَمَشَّى فِي بَيَاضهَا سُمْرَة رَقِيقَة كَسُمْرَة اَلسَّحَاب اَلزَّهْو اَلَّذِي يُخَالِط وَجْه اَلشَّمْس فِي ضحوة اَلنَّهَار فَسَأَلَهَا مَنْ أَنْتَ؟ قَالَتْ أَنَا فَتَاة مِنْ فَتَيَات هَذَا اَلْحَيّ وَقَدْ أَلْمَمْت بِشَيْء مِنْ أَمْرك

1 / 29