وروي عن كعب الأحبار أنه قال: إنا نجد في بعض الكتب أن عشرة من الأنبياء ولدوا مختونين: خلق الله تعالى آدم مختونا، وشيث بن آدم ولد مختونا وإدريس، ونوح، ولوط، وإسماعيل ويوسف، وزكريا، وعيسى، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وذكر عن وهب بن منبه أنه قال: كان بين آدم وبين الطوفان ألفان ومائتان وأربعون سنة. وبين الطوفان ووفاة نوح ثلثمائة وخمسون سنة، وبين نوح وإبراهيم ألفان ومائتان وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى تسعمائة سنة، وبين موسى وداود خمسمائة سنة، وبين داود وعيسى ألف ومائة سنة، وقال بعضهم: هذا لا يصح: يعني ما ذكر من مقدار السنين، لأن الله تعالى قال: {وقرونا بين ذلك كثيرا} فلا يعرف مقدار ذلك إلا الله تعالى، ثم انقطعت الرسل بعد عيسى عليه السلام إلى وقت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكان بينهما فترة كذلك قال الله عز وجل: {على فترة من الرسل} وإنما سمي فترة لأن الدين قد فتر ودرس. قال قتادة، كان بينهما خمسمائة وستون سنة، وقال الكلبي: خمسمائة وأربعون سنة، وقال مقاتل: ستمائة، وهكذا، قال الضحاك: قال وهب بن منبه: كان بينهما ستمائة وعشرين سنة، والكتب التي أنزل الله على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام التي هي معروفة عند الناس أربعة: التوراة على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى، والفرقان على محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين. وروي عن وهب بن منبه أنه قال: أنزل الله تعالى مائة كتاب وأربعة كتب: خمسون صحيفة نزلت على شيث بن آدم، وثلاثون صحيفة على إدريس، وعشرون صحيفة على إبراهيم، والتوراة والزبور والإنجيل والفرقان على ما ذكرنا. ثم اختلفوا في ذي القرنين ولقمان أكانا نبيين أم لا؟ وأكثر أهل العلم قالوا إن لقمان كان حكيما ولم يكن نبيا، وكان ذو القرنين ملكا صالحا ولم يكن نبيا. وقال عكرمة: كان ذو القرنين نبيا وكذا لقمان. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن ذي القرنين فقال: كان رجلا صالحا. وقال بعضهم: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان ملك الفرس والروم. وقال بعضهم: كان رأسه شبه القرن. وقال بعضهم: إنه سار إلى قرني الشمس مغربها ومشرقها. وقال بعضهم: إنه عاش قرنين، وقال بعضهم: لأنه رأى في المنام حال شبابه أنه دنا من الشمس فأخذ بقرنيها فأخبر قومه بذلك فسموه بذي القرنين، وكان اسمه إسكندر. ويقال خمسة من الأنبياء كان لسانهم عربيا. إسمعيل، وهود وصالح، وشعيب، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وقد اختلف الناس في الولد الذي أمر إبراهيم بذبحه. قال بعضهم هو: إسمعيل، وقال بعضهم: هو إسحاق. وروي عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن سلام وعكرمة ومقاتل وكعب الأحبار ووهب بن منبه أنهم قالوا إسحاق. وقال ابن عباس وابن عمر ومجاهد ومحمد بن كعب القرظي والكلبي إنه كان إسمعيل. وهذا القول أشبه بالكتاب والسنة أما الكتاب فحيث قال: {وفديناه بذبح عظيم} ثم قال بعد قصة الذبح {وبشرناه بإسحق} الآية، وأما الخبر فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنا ابن الذبيحين)) يعني أباه عبد الله وإسمعيل، واتفقت الأمة على أنه كان من ولد إسمعيل. وقال أهل التوراة: مكتوب في التوراة إنه كان إسحاق فإن صح ذلك في التوراة فنحن آمنا به ويقال لم يملك أحد من الملوك الدنيا كلها إلا أربعة: اثنان مسلمان واثنان كافران. فأما المسلمان فسليمان بن داود عليهما السلام، وذو القرنين. وأما الكافران فنمرود بن كنعان، وبختنصر الذي خرب بيت المقدس، وقتل منهم سبعين ألفا، وأسر سبعين ألفا وذهب بهم إلى بابل، وكان فيهم دانيال، وكان صغيرا وكان نبيا ولم يكن مرسلا. ويقال لم يتكلم أحد من الناس وهو طفل إلا أربعة: أحدهم عيسى ابن مريم والثاني صاحب أصحاب الأخدود، والثالث صاحب جريج الراهب، والرابع صاحب يوسف عليه السلام حيث قال الله تعالى: {وشهد شاهد من أهلها} واختلفوا فيه. قال بعضهم: كان الشاهد رجلا كبيرا ولم يكن طفلا. وروي عن كعب الأحبار أنه قال: وجدت في كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن عمر آدم عليه الصلاة والسلام كان تسعمائة وثلاثين سنة وعمر نوح ألف سنة إلا خمسين عاما، وعمر إبراهيم عليه السلام مائة وخمس وتسعون سنة، وعمر إسماعيل مائة وسبع وثلاثون سنة، وعمر إسحق مائة وثمانون سنة، وعمر يعقوب مائة وتسع وأربعون سنة وعمر يوسف مائة وثلاث وعشرون سنة، وعمر داود سبعون سنة، وعمر سليمان مائة وثمانون سنة، وعمر شعيب مائتان وأربع وخمسون سنة، وعمر صالح مائة وثمانون سنة، وعمر هود مائة وخمس وستون سنة، وعمر عيسى ثلاث وثلاثون سنة، وعمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب التاسع والمائة: في صفة ما خلق الله تعالى من الخلق
(قال الفقيه) رحمه الله: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تعالى خلق ثمانية عشر ألف عالم والدنيا منها عالم واحد)) وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تعالى خلق في الأرض ألف أمة من الخلق ستمائة في البحر وأربعمائة في البر)) وعن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: ((إن الله تعالى خلق أرضا بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوما محشوة خلقا من خلق الله تعالى لا يعلمون إلا الله تعالى ولا يعصونه طرفة عين، قالوا: يا رسول الله أو من ولد آدم؟ قال: لا يعلمون أن الله تعالى خلق آدم. قيل يا رسول الله وأين عنهم إبليس؟ قال: لا يعلمون أن الله تعالى خلق إبليس ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {ويخلق ما لا تعلمون})) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تعالى خلق ملكا نصفه الأسفل نار ونصفه الأعلى ثلج لا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهو يقول سبحان من ألف بين الثلج والنار، اللهم كما ألفت بين النار والثلج ألف بين قلوب عبادك المؤمنين)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تعالى خلق ديكا تحت العرش وله جناحان إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب فإذا كان آخر الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح ويقول: سبحان الملك القدوس، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها مجيبة له وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ)) وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تسبوا الديك الأبيض فإنه يدعو إلى الصلاة)) وعن عبد الله بن الحارث أنه قال: دخل كعب على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال: يا كعب حدثني عن البيت المعمور أين هو؟ قال: هو بيت في السماء الرابعة يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه قط ولا يدخلونه بعد ذلك حتى تقوم الساعة. وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه سئل أي الخلق أشد، فقال: أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها فتنحت به الجبال، والنار تغلب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب يحمل الماء، والريح يحمل السحاب. والإنسان يغلب الريح بالبنيان، والنوم يغلب الإنسان، والهم يغلب النوم، فأشد ما خلق الله تعالى الهم، وأشد خلق خلقه ربك الموت.
الباب العاشر بعد المائة: في بدء خلق السموات والأرض
Page 387