(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: كره بعض الناس العلم في الثوب من الحرير والديباج وأباحه الآخرون وبه نأخذ. فأما من كرهه فقد ذهب إلى ما روى الأعمش عن مجاهد أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما اشترى عمامة فرأى عليها علما حريرا. وروى موسى بن عبيدة عن خالد بن يسار عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: كنا نقطع الأعلام وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: اجتنبوا ما خالط الثياب من الحرير، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الحرير على الرجال فاستوى فيه القليل والكثير. وأما حجة من قال لا بأس به فما روى أبو أمامة الباهلي قال ((إن قوما قالوا يا رسول الله نهيتنا عن لبس الحرير فما يحل لنا منه؟ قال ثلاثة أصابع، وذلك أيضا لا خير فيه)) وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: لا بأس بالعلم وإنما يكره المصمت: يعني نوعا من الثياب. وروى منصور عن إبراهيم أنه قال: كانوا يرخصون في الأعلام. وروى سويد بن غفلة عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: لا بأس بالأصبع والأصبعين والثلاث، ولأن القليل في حد العفو كما أن العمل القليل في حد العفو كما أن العمل القليل في الصلاة لا يقطع الصلاة وقليل النجاسة لا يمنع جواز الصلاة فكذلك هذا، والصائم إذا دخل الغبار في حلقه لا ينقص الصوم لأنه قليل فكذلك هذا.
الباب الحادي والأربعون: في افتراش الديباج
(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: اختلفوا في افتراش الديباج والحرير: قال بعضهم لا بأس به، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله. وقال بعضهم: يكره، وهو قول محمد بن الحسن، وبه يأخذ. أما حجة من أجازه فما روي عن إبراهيم بن مسعر عن أبي راشد قال: رأيت على فراش ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو على مجلسه مرفقة من حرير. وروي عن الحسن أنه شهد عرسا فجلس على وسادة ديباج. وروي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه حضر وليمة فجلس على وسادة حرير وعليها طيور. وروي ((أنه كان على باب دار عائشة رضي الله عنها ستر معلق عليه طيور، فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله أنا لا أنزل بيتا فيه كلب أو تماثيل، فإما أن تقطعوا رؤوسها أو تبسطوا بسطا)) وأما من كرهه فقد ذهب إلى ما روي عن سعيد بن مالك أنه قال: لأن أتكئ على جمرة أحب إلي من أن أتكئ على مرافق من حرير. وعن ابن سيرين أنه قال: قلت لعبيدة السلماني أتكره افتراش الديباج كلبسه؟ قال نعم.
الباب الثاني والأربعون: في لبس الحمرة
Page 335