(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله تعالى: روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها من أحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره)) وروى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((الرؤيا الصالحة من الله تعالى والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثة وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإنها لا تضره)) وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي فقصصتها على أبي بكر، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها، فلما مات أبو بكر رضي الله تعالى عنه ودفن قيل لها هو القمر الثاني، فلما مات عمر رضي الله تعالى عنه ودفن فيه قيل لها هو القمر الثالث. وروي عن محمد بن سيرين أنه كان يكره الغل في النوم، وكان يعجبه القيد وقال: القيد ثبات في الدين. وروي ذلك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. وكان محمد بن سيرين يقول: الرؤيا ثلاثة: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الرحمن، فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم وليصل. وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء قال ((جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها غائب فقالت كأني رأيت جائزة بيتي انكسرت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : خيرا يكون إن شاء الله تعالى يرد الله عليك غائبك فرجع زوجها، ثم غاب فرأت مثل ذلك فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم تجده ووجدت أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فأخبرتهما بذلك فقالا لها يموت زوجك، فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل عرضتيها على أحد؟ قالت نعم، فقال هو كما قيل لك، فما مضى زمان حتى نعي لها زوجها)) وقال عطاء كان يقال الرؤيا على ما أولت، وكان يقال لا تقص الرؤيا إلا على حكيم أو واد أو ذي رأفة، وقيل لا تقص الرؤيا إلا على لبيب أو حبيب. وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث أن الرؤيا على ما أولت. وقال أهل التحقيق: إن حكم الرؤيا لا يتغير بتغيير جاهل عبرها، كما أن مسألة من الفقه إذا أجاب بها جاهل لا يكون لذلك الجواب حكم فكذلك مسألة الرؤيا، وإنما كان قد تغير ذلك بتأويل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى صدق قوله لكرامته. وروى جابر ((أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت كأن رأسي قد سقط عني فاتبعته فأخذته)) فقال صلى الله عليه وسلم بأي عينيك رأيته حين سقط الرأس عنك، إذا لعب الشيطان بأحدكم فلا يخبر الناس به)) وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أصدق الرؤيا ما كان بالأسحار)) وروى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)) وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي)) وقال صلى الله عليه وسلم ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)) وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل)) وفي رواية ((وليس بعاقد)).
الباب السادس والعشرون: في الكلام في الطب والرقى
Page 323