(قال الفقيه) رحمه الله: هذه الأشياء لا تحسن من جميع الناس ولكن من هؤلاء أقبح. ويقال عشرة أشياء قبيحة من عشرة أصناف من الناس الحدة في السلطان، والبخل في الأغنياء، والطمع في العلماء، والحرص في الفقراء، وقلة الحياء في ذوي الأحساب، وإتيان الزهاد أبواب أهل الدنيا، والفتوة في الشيوخ، والجهل في العباد، والجبن في الغزاة، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال. وقال بعض الحكماء: التفكر نور، والغفلة ظلمة، والجهالة ضلالة، وأنقص الناس من ظلم من دونه، وقال إبراهيم بن زياد العدوي: ثلاث تفرح القلب وتنمي العقل: الزوجة الجميلة، والكفاف من الرزق، والأخ المؤنس. وقال بعض الحكماء: وجدت العلم في الطلب، والحكمة في البطن الجائع، ونور الإسلام في صلاة الليل، وهيبة الخلق في هيبة الخالق. وروى جعفر بن محمد أنه قال: تكلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بست كلمات لم يسبقه بها أحد في الجاهلية والإسلام. أولها: من لانت كلمته وجبت محبته، والثانية: ما هلك امرؤ عرف قدره، والثالثة: إن لكل شيء قيمة وقيمة المرء ما يحسنه، والرابعة سل من شئت فأنت أسيره، والخامسة أعط من شئت فأنت أميره، والسادسة استغن عمن شئت فأنت نظيره. ويقال مكتوب في بعض الكتب: الكفالة مذمومة ملعونة، وفيها ست خصال: الكفران، والخسران، والغرم، والصرم، والملامة، والندامة، فمن لم يصدق فليجربها حتى يعرف البلية من السلامة. وقال: مكتوب على باب ملك الروم إن في الكفالة ثلاث خصال: أولها: ندامة، وأوسطها ملامة، وآخرها غرامة. ويقال: أربعة أشياء إذا أفرط فيها الرجل أهلكته واستهوته: النساء، والصيد، والقمار، والخمر. وقال بعض الحكماء: من صحب ضالا لم يصلح له دينه، ومن مدح فاسقا ذهب ماء وجهه، ومن طمع في مال غيره نزعت البركة من ماله، ومن تواضع لغني لأجل غناه ذهب ثلثا دينه. وقال بعض الحكماء: من قنع بما أعطي استغنى عما لم يعط، ومن عمل بما علم وفق لما لم يعلم، ومن ترك ما لا يعنيه تفرغ لما يعنيه، ومن ذكر ما أصابه لم يخاطر بنفسه. وقال بعض الحكماء: إياك والمزاح، فإن للمزاح سبع خصال مذمومة، أولها ذهاب الورع، والثاني ذهاب الهيبة، والثالث قساوة القلب، والرابع خيانة الجليس، والخامس يهدم الصداقة ويجلب العداوة، والسادس يذمه العقلاء ويستهزئ به السفهاء، والسابع عليه وزر من اقتدى به. ويقال أضيع الأشياء عشرة: عالم لا يسئل عنه، وعلم لا يعمل به، ورأي صواب لا يقبل، وسلاح في بيت من لا يستعمله، ومسجد بين قوم لا يصلون فيه، ومصحف في بيت من لا يقرؤه، ومال في يد من لا يتفقه، وخيل عند من لا يركب، وعلم الزهد عند من يريد الدنيا، وعمر طويل لا يتزود منه لسفر يوم القيامة. وقال رجل لابن عباس: يا ابن عباس ما رأس العقل؟ قال: أن يعفو الرجل عمن ظلمه، وأن يتواضع لمن دونه، وأن يتدبر ثم يتكلم. قال: وما رأس الجهل؟ قال: عجب المرء بنفسه، وكثرة الكلام فيما لا يعنيه ، وأن يعيب الناس في الشيء الذي يأتيه. أي يفعله. قال: فما زين الرجال؟ قال: حلم من غير ضعف، وجود بغير ثواب، واجتهاد في العبادة بغير طلب من الدنيا. وقيل لبعض الحكماء: من العاقل قال: من تمسك بثلاثة أشياء فهو العاقل حقا: من تمسك بالصدق والإخلاص فيما بينه وبين الله تعالى من الطاعات، ومن تمسك بالبر والمروءة فيما بينه وبين الخلق في المعاملات، ومن تمسك بالصبر والقناعة فيما بينه وبين الخلق في النوائب والبليات. وقال بعض الحكماء: الناس أربعة أصناف: جواد، وبخيل، ومسرف، ومقتصد. فالجواد الذي يجعل نصيب دنياه لآخرته، والبخيل الذي لا يعطي واحدا منهما نصيبه، والمسرف الذي يجعل نصيب آخرته لدنياه، والمقتصد الذي يعطي كل واحد منهما نصيبه. وقال عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين ارضوا بالدون من الدنيا مع الذين كما رضي أهل الدنيا بالدون من الدين مع الدنيا.
الباب الرابع والأربعون بعد المائة: في البول في حال القيام
(قال الفقيه) رحمه الله: رخص بعض الناس أن يبول الرجل قائما وكرهه بعضهم إلا من عذر وبه نقول. فأما من أباحه فقد ذهب إلى ما روى حذيفة ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ثم توضأ ومسح على خفيه)) وأما من كرهه فقد ذهب إلى ما روي عن عائشة أنها قالت: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما منذ نزل عليه القرآن فمن أخبرك أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما فكذبه. وروى نافع عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: ما بلت قائما منذ أسلمت. وروى ابن أبي بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أربعة من الجفاء: أن يبول الرجل وهو قائم، وأن يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، وأن يسمع النداء ولا يشهد مثل ما شهد، وأن أذكر عنده فلم يصل علي)) وأما الخبر الذي رواه حذيفة فاحتمل أنه فعله لعذر نجاسة المكان أو غير ذلك، فإذا احتمل ذلك فالأخذ بالأخبار المشهورة أولى. ويقال البول في حال القيام يكره ويحرم لأنه تشبه بالمشركين، وحرام على المسلمين التشبه بالمشركين لما روي ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
الباب الخامس والأربعون بعد المائة: في خصاء الحيوان
Page 412