الباب الحادي والأربعون بعد المائة: في المعاملة مع أهل الكفر
(قال الفقيه) رحمه الله: لا بأس للمسلم أن يكون بينه وبين أهل الذمة معاملة إذا كان مما لا بد منه، ولا بأس بأن يعوده وهو مريض ويلقنه كلمة التوحيد، وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم يهوديا وعرض عليه الإسلام فأسلم ومات فلما خرج قال: ((الحمد لله الذي أعتق بي نسمة من النار)) وروى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: ((أنه دخل على نصراني وهو في النزع فقال له: تب إلى الله تعالى فلم يعمل لسانه فأومأ بعينيه فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل يا رسول الله لم تبسمت؟ فقال: لما أومأ بعينيه قال الله تعالى: يا ملائكتي أشهدكم أني قبلته لما أومأ إلي ولا أضيع إيمانه)) ولا بأس للمسلم إذا كانت له قرابة من أهل الذمة أن يهدي إليهم ويكرمهم وقد أهدى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى خاله جارية وهو كافر بمكة. وروي عن صفية زوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنها لما ماتت أوصت بالثلث لإخوتها من اليهود. وروي عن ميمون بن مهران أنه قال: من الناس من أحبه في الله وأبغضه لنفسي، ومن الناس من أبغضه في الله وأبغضه لنفسي، ومنهم من أحبه في الله وأحبه لنفسي. فأما الذي أحبه في الله وأحبه لنفسي فهو مؤمن ينفعني، وأما الذي أبغضه في الله ولنفسي فهو كافر يؤذيني، وأما الذي أبغضه في الله وأحبه لنفسي فكافر ينفعني أبغضه لكفره وأحبه لمنفعتي.
الباب الثاني والأربعون بعد المائة: فيما قيل في مباركة الغداء
(قال الفقيه) رحمه الله: روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: في مباكرة الغداء ثلاث خصال: يطيب النكهة، ويطفئ المرة، ويزيد في المروءة. قيل: وكيف يزيد في المروءة؟ قال: إذا تغديت في منزلي لم تطمع نفسي في طعام غيري. وذكر أن رجلا دخل على معاوية بن أبي سفيان وهو يتغدى باكرا فدعاه إلى الطعام الذي بين يديه فقال: قد فعلت، فقال له معاوية: إنك لنهم إذا فعلت قبل هذا الوقت. قال: ولكن فعلت ذاك لخصال أربع: أولها لخلوف الفم، والثاني إذا عطشت شربت ، والثالث إذا أردت حاجة كنت فيها وأنا فارغ القلب، والرابع إذا رأيت طعاما رأيته ومعه غرضي. ويقال الندامة أربعة: ندامة يوم، وندامة سنة، وندامة عمر، وندامة الأبد. فندامة اليوم أن يخرج من منزله قبل أن يتغدى ثم عرض له عارض فلم يقدر على الرجوع إلى منزله فيبقى نادما في يومه كله، وأما ندامة السنة فهو أن الزارع ترك الزراعة في وقتها فبقي نادما إلى آخر السنة، وأما ندامة العمر فهو أن يتزوج امرأة غير موافقة فيبقى في الندامة إلى آخر العمر، وأما ندامة الأبد فهو أن يترك أمر الله ويعصيه فهو في الندامة أبدا وفي الآخرة. وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: من أراد البقاء ولا بقاء -فليباكر الغداء وليخفف الرداء وليقل غشيان النساء، قيل ما خفة الرداء؟ قال: قلة الدين.
Page 410