أسماء الأشخاص اللاعبين
الفصل الأول
الملعب الثاني
أسماء الأشخاص اللاعبين
الفصل الأول
الملعب الثاني
بورصة مصر
بورصة مصر
تأليف
يعقوب صنوع
أسماء الأشخاص اللاعبين
الخواجة سليم:
بانكيير.
الست لبيبة:
ابنته.
يعقوب:
العاشق.
فرج:
الخدام.
يوسف:
سمسار.
الخواجة حليم:
بانكيير.
يني:
جارسون.
تريزة:
لاونجية.
جملة خواجات.
الفصل الأول
في القهوة التي خارج البورصة
المنظر الأول (فرج فقط)
فرج :
جيت أدخل البورصة أشوف الخواجة، مسكني البربري على الباب، وقال لي: الهدامين ما يدهلوش هنا، الهدامين رايهين يعملوا إيه في البورصة، وانت روه يا فلاه، إنت ملكش شجل هنا، روه اكنس الأوضة بتاع هواجتك وسهن الطبية، يلا روه. وزجني زجه خلا بيني وبين الباب أربع أدرع، أجول إيه؟ حتى البرابرة شافوا لهم يوم، ودا كله من الخواجات اللي بيدلعوهم، يخي إحنا ما لنا ومال الكلام دا، إحنا في الخواجة سليم اللي ما قدرناش نشوفه، ونقول له إن ستي لبيبة بنته بتترجاه ما يغبش الليلة؛ لأن جتهم عزومة في بيت الخواجة موسى؛ لأجل يروحوا يسمعوا ألمس (ينظر إلى الباب)
أهو الخواجة بتاعنا متحوطاه السماسرة، ونازلين عليه زي ما ينزل الدبان على العسل، أما أياديهم والبلاط، وخواجتنا من اللي ما يتلعبش عليهم. داه دا داه دا، وادي الخواجة يعقوب، وأنا في جيبي جواب له من الست، قالت لي أعطيه له في يده، لاكن بالسر من غير ما حد يشوفك. حقا دا أمر صعب، ربنا يوفق، أما الست بتاعتنا ميتة في هوا الخواجة يعقوب، والظاهر أنه هو التاني بيحبها؛ لأن جواباتهم لم تنقطع، يخي ربنا يديم حبهم ونستنفع من أفاهم، دا الخواجة يعقوب شب ظريف، ربنا يسعد أوقاته. داه دا، الخواجات اتراكبت على بعضها، وهم خارجين على هنا، أما أنا رايح أتركن على جنب لوقت ما أقدر أستفرد بالخواجة بتاعنا، أو بالخواجة يعقوب (يرتكن على جنب).
المنظر الثاني (الخواجة سليم وحليم ثم السماسرة وجملة خواجات)
سليم (يخرج وفي يده تلغراف) :
ما صدقتوش بخاطركم، إنشالله ما صدقتم، أنا علي لكم ما أقرا التلغراف آمنتوا ما آمنتوا كيفكم .
حليم (إلى سليم) :
طيب تعملش معروف وتخليني أقراه أنا بعيني، رايح تخسر إيه؟ إنت خايف لآكله؟ أنا ما أمسكوش بإيديه، بس أبص فيه من بعيد لبعيد؛ لأني - أنكرش منك - الخبر دا غريب.
يعقوب :
طيب اقرأ يا عديم الأمانة.
حليم (يقرأ التلغراف وكل الخواجات مطبوقة عليه) :
واحد بانكيير شهير من معارف سعادة ناظر المالية، مؤكد أن السلفة حصلت.
يعقوب :
صدقت يا بني ولا لسه عندك شك؟
أنطون :
لا شك ولا رك.
يوسف :
شك إيه دا حرام عليه، خبر من بز أمه، يالله يا خواجات.
أنطون :
يالله ننزل في ميدان البون.
يوسف :
فرجونا على شطارتكم وجسارتكم.
أنطون :
بحداشر ونصف، استحقاق مارس من يشتري؟
حليم :
عندك قد إيه؟
أنطون :
عشرين ألف جنيه.
حليم :
روح، استابينا.
أنطون :
طيب تعالى أكتب لك النوطة (يدخلوا الاثنين).
حليم :
يالله يا وليد (يخرج).
يوسف :
وانتو يا خواجات ما حدش فيكم يبيع ويشتري (يتوشوش مع الخواجات)
طيب حاضر فهمت (في نفسه)
أما التلغراف دا مبروك، على كل حال عملنا لنا بأكم جنيه. (لسليم)
وانت يا خواجة سليم باشوفك ساكت لا بتبيع ولا بتشتري.
حليم :
الصبر طيب أنا ما أحبش الهوجة، الشغل بده عقل وتأمل، مش كده اخبيط ارقيع.
يوسف :
إزاي بقا الخبر دا موش مالي مخك، والحال التلغراف دا جاي لك من عين محل شغلك باسكندرية، وإذا ما صدقتش فيه إنت، مين رايح يصدق فيه؟
سليم :
الحق معك يا بني، أما مع كل ذلك على رأي اللي قال: من تأنى نال ما تمنى.
يوسف :
أخيرا حضرتك موش عاوز تعمل شغل الليلة كيفك، اصحا تندم، بقا عن إذنك أنا داخل مع الخواجات (إلى الخواجات ... يخرجوا معه).
المنظر الثالث (سليم ويني ثم فرج الخدام)
سليم (يجلس بقرب سفرة، ويطرق بالعصاية عليها) :
جارسون، جارسون، أما الجماعة قاعدين جوا هايجين، ولو أن الخبر دا لازم يكون صحيح؛ لأنه مشالله اسم الحكومة متشرف وأعظم البنكات مستعدة لتقديم أيها سلفة ان كانت للميري، ولا شك إذا طلبت المالية ماية مليون جنيه في الصبح الظهر يكونوا حاضرين، مع كل ذلك ما أظنش ان السلفة المذكورة بالتلغراف ده تتم؛ لأن شروطها متخلصش، والميري الحمد لله موش قد كدا محتاج. أما الجارسون ده أطرش (يخبط)
يني، جارسون.
يني :
كوماندي.
سليم :
فنجان قهوة بالعجل.
يني :
حاضر (يخرج).
فرج :
يا خواجة.
سليم :
إنت هنا جيت تعمل إيه يا فرج؟
فرج :
الست باعتاني أقول لك ما تغيبش الليلة؛ لأن جاتكم عزومة في البيت.
سليم :
أيوا من بيت الخواجة موسى، أنا عارف بالعزومة دي، طيب روح قول لها آديني جاي.
فرج :
بس أمال تعالى بدري شوية. بتقول الست، لحسان بتزعل وحدها.
سليم :
روح انت آديني جاي وراك.
فرج :
حاضر يا سيدي، (في نفسه)
أما احنا بدنا نسلم الجواب إلى الخواجة يعقوب، لما نتركن لنا على جنب لحينما يجي ونعطيه له (يخرج).
المنظر الرابع (يوسف وأنطون وحليم والخواجات والمذكور)
سليم (ينظر إلى جهة الباب) :
دول الجماعة هايجين وجايين على هنا، لازم يكون ورد لهم تلغراف آخر، أنا لولا خوفي من بيت إسكندرية لكنت دخلت فيه، بازارات كبار، وعملت لي شغلة عظيمة، أما عسى لا تكرهوا شيء وهو خيرا لكم.
أنطون (يدخل ومعه تلغراف، وهو يقول لسليم) :
لو كنت سمعت كلامي واشتريت لك كام ألف جنيه كنت كسبت فيهم مبلغ جسيم.
حليم :
زيي أنا اللي كسبت ماية جنيه في دقيقة.
سليم :
ليه الخبر إيه؟ بيقول إيه التلغراف ده اللي في إيدك؟
أنطون :
البون اتشرف تلت أربع الماية، هيا تشتري تبيع؟ يالله كوراجيو، سمعنا كلمة استابينا، اكتب لك النوطة؟
سليم :
بلا كوراجيو بلا استابينا بلا نوطة، ابعد عني يا شيطان وخد نصيبك.
يوسف :
الخواجة سليم دا خواف (إلى الخواجات)
اصحوا تتبعوا إرادته، يالله تعالوا بنا ندخل البورصة نستفتحوا، دي ليلة عظيمة، وأشغال مبروكة، هيدا بنا انديامو (يدخلوا الخواجات البورصة).
أنطون (لحليم) :
قول لي يا حليم، تعطيني إيه إذا كسبت لك أربعة خمسة آلاف جنيه من دول.
حليم :
أديك روحي، إذا جيت للحق المبلغ ده محتاج له الأمر قوي.
أنطون :
أنا راسي، وإنت بتعمل طيب، توري إن عندك ملايين؛ لأن في الزمن ده ما تنفعكش إلا اللهجة، مع كل ذلك حاسب.
حليم :
أيوا، إذا كان عندنا عشم في التحصيل على المبلغ الحاكي عنه، كنا نتجاسر وندخل لنا في شغلة كبيرة، بس ما فهمناش الطريقة اللي نتحصل بها على الألفات جنيه دي.
أنطون :
شايف صاحبنا اللي قاعد يشرب القهوة هنا، دا الخواجة سليم، ودا له قطعة بنت، إيش من حاجة، تعرفها؟ حاجة ربنا يجعلها بالهنا، والضوطة بتاعتها يا وليد أحلى منها.
حليم :
بس فهمتك، اقضي لنا البيعة دي، ولك مايتان جنيه يابا.
سليم (إلى أنطون) :
تبيع له إيه؟
حليم :
باع لي أربعين ألف جنيه بعشرة ونصف.
أنطون (لسليم) :
ليش تعجبك البيعة دي؟ تعطيهم له انت يا خمران؟
سليم :
لا أنا قلت لك إني ما باشتغلش الليلة.
أنطون :
كيفك (لحليم)
اشتريت الأربعين ألف جنيه، استابينا؟
حليم :
استابينا.
أنطون :
روح جوه لشريكي يكتب لك النوطة. (حليم يخرج.)
المنظر الخامس (أنطون وسليم)
أنطون :
بقا جنابك حكمت رأيك أنك ما تعملش شي الليلة، لا اسكوميسا ولا بريمو ولا على الريق ولا حاجة؟
سليم :
دايقتني، ما قلت لك ما ليش كيف الليلة على الشغل؛ لأن بيت إسكندرية عملت بازارات كبار، وخايف أبوظهم ببيعي وشرايا.
أنطون :
السمسار ياكل هوا ما عليهش، أنا عندي لك شغلة عظيمة لكن السمسرة بتاعتها اتنين الماية وماية جنيه بريمو.
سليم :
طيب الشغلة دي إيه؟
أنطون :
لقيت لك عريس للبنية، واد يعجبك بشرط جدع في السوق ملحلح، يا خواجة يحسب لك الحسبة في دقيقة، أصره، المسيو حليم تقول فيه إيه؟
سليم :
موش رضي، لكن فارغ ماهوش عاكم.
أنطون :
مين قال لك؟ دا يحتكم له على أربع خمس آلاف جنيه، زي جديد ورباهم في أقرب وقت، تقدر تسأل كل الناس عليه، وإذا ما كنتش عنده الفلوس كان يبقا له الجراعة دي يشتري بالأربعين ألف جنيه مرة واحدة؟
سليم :
أيوا صحيح، لازم يكون غني، طيب استابينا، تعالى انت وياه اتغدوا بكرة عندي وربنا يوفق.
أنطون :
مبروك (في نفسه)
إذا كان كل شهر نعمل لنا ليلة زي دي تبقا أشيتنا معدن (يخرج).
سليم :
أما السماسرة دول يحتاروا إيش يعملوا على شان يكسبوا فلوس، والله بوظوا على النسوان الخطابات، لما ندخل نشوف الجماعة بيعملوا إيه (يخرج).
المنظر السادس (يعقوب ويوسف يدخلوا)
يعقوب :
أنا راسي داخت من دلبورصة.
يوسف :
بس مالك؟ أنا شايفك الليلة معكنن، كفا الله الشر، دا انت قاعد تبان عاشق، يا ترى مين دي اللي واخده عقلك؟ تكنش بنت من الجماعة دول اللي بيسرسعوا في التياترو؟
يعقوب :
اخرس ما تشبهاش لهم.
يوسف :
ها، أديك طبيت يا وليد، أما أنا لي نظر على دول، بقا عاشق بسلامتك، تكنش بنت خواجتك إياها الإنجليزية؟ يعني كويسة في الواقع بس يا خسارة، رفيعة وطويلة طول العون، أما فلوسها كويسين، عشرة آلاف جنيه دول موش مسخرة.
يعقوب :
أنا مش من الجماعة اللي بيجروا على الفلوس والجمال؛ لأني أنا ما انظرش إلا للفضايل.
يوسف :
بقا علي الكلام ده؟ محبوبتك صاحبة فضايل؟ بس قول لنا اسمها إيه يمكن أوجد لك طريقة واساعدك، ما تخافشي احنا اصحاب، وما فيش واحد زيي في كتم السر، افتح لي قلبك انت وما تشوف إلا الخير.
يعقوب :
طيب أنا، آه منك، بقا شوف، أنا صار لي سنة أحب بنت الخواجة سليم الست لبيبة، وحيث ان أبوها كان معرفة المرحوم؛ فأنا لي رجل في البيت، ومن شهر وهي الجوابات رايحة جيه بيني وبينها، وأنا قصدي أطلبها من أبوها لكن مستحي.
يوسف :
وساكت ليه من زمان، دا الراجل كان هنا لوحده دلوقت، لو كنت عارف بالأمر دا كنت كلمته لك، وكسبت لي على كل حال سمسرة عظيمة، خلي قلبك في بطيخة صيفي، وحضر هدية الخطوبة، شوف شوف، هناك واحد يبص لك وفي إيده جواب.
يعقوب :
دا خدامها، روح انت ادخل شوف ابوها.
يوسف :
طيب أروح أجيبه هنا وأكلمه (يخرج).
المنظر السابع (يعقوب - فرج)
يعقوب :
قرب يا فرج ما تخافش.
فرج (يدخل) :
مساء الخير يا خواجة يعقوب، تفضل (يعطيه الجواب).
يعقوب (ياخد الجواب، ويعطيه ريال) :
شرب دخانك.
فرج :
ربنا يخليك ويتمم مرغوبك، ربنا يعلم مقدار حبي لك (يعزم على الذهاب).
يعقوب :
لأ، اصبر شوية لحد ما أعطيك رد الجواب، أقول لك، يخي بلاش روح انت.
فرج :
حاضر يا سيدي (يخرج).
يعقوب (يفتح الجواب ويقراه في سره) :
أما اللي سماها لبيبة ما غلطش، إيش من فصاحة وإيش من حلاوة لسان، دي كل كلمة من الجواب ده تموت ماية جدع، يوه عليهم من أشعار دي باين عليها قارية، ربنا يجعلها من نصيبنا، يخي العشم بوجه الله، ويوسف السمسار ده شاطر وصاحبي الروح بالروح، ولا بد انه يساعدني في الأمر ده، (ينظر لجهة الباب)
أهو جاي مع الخواجة سليم، لما ندخل من الناحية التانية أحسن يشوفونا (يخرج).
المنظر الثامن (سليم ويوسف)
سليم :
أدحنا لوحدنا، بقا بدك تقول لي إيه؟ سمعنا من تحايفك.
يوسف :
أنا ما أعرفش أتكلم على الواقف، خدلك كرسي اتفضل ارتاح واصغي لأقوالي.
سليم :
وادي قعدة ... (يجلس)
هات من أخبارك، بس افتكر إنه الوقت راح وأنا بدي أقوم؛ لأن الجماعة في البيت بيخربوا الدنيا على غيابنا في البورصة، وشوية كمان بدهم يدعوا الخواجة فلاك ويسرجنوه ويقفلوا له البورصة.
يوسف :
واحنا ناكل منين؟ دي البورصة فتحها من نوع التمدن؛ لأنها محفل التجار، ودلوقتي انشهرت ورغبتها ملت الدنيا.
سليم :
خلينا من الكلام ده، واحكي لنا بما عندك من الحوادث، بس من فضلك ما تطولش.
يوسف :
ما تخافش العبارة كلها كلمتين، تعرف الخواجة يعقوب ريس بيت فلستون وشركاه؟
سليم :
إزاي ما اعرفوش والمرحوم ابوه كان أعز أصحابي، يعقوب ولد شاطر وأنا عيني عليه.
يوسف :
وبدك تاخده لبنتك.
سليم :
لأ، أنا بدي آخده لبنت الخواجة إسحاق باشكاتب بنكنا، مادموازيل روز، بنت لطيفة تتكلم تلياني وفرنساوي وإنجليزي قوي عال، دي مشدودة بحمس.
يوسف :
طيب وليه تعزم على بنات الناس عوض ما تعزم على بنتك، يعني الولد ما يستهلش الشرف دا؟
سليم :
يعقوب ابن ناس وجدع صاحب شرف، لكن اللي زينا ينبغي عليه كونه يناسب اللي من مقامه ودرجته، ويعقوب، ولو انه ريس محل فلستون، لكنه برده اسمه مستخدم.
يوسف :
أيوا، أما إذا خطبته على بنتك بالضوطة بتاعتها والأكم جنيه اللي عنده، يقدر يتشارك مع واحد من نده، ويصير في أقرب وقت بانكيير عظيم، يعني من غير مؤاخذة مين فيكم اتولد بانكيير.
سليم :
الحق معاك، أما أنا أعطيت استابينا، وبالضرورة اللي زيي ما يرجعش في كلمته.
يوسف :
ومين العريس يا ترى؟ نقدر نعرفه أو العبارة لسه في السر؟
سليم :
العريس الخواجة حليم، تقول فيه إيه؟
يوسف :
عندي أقول فيه إيه، مبروك بس حضرتك خلي بالك، وقبل ما تحط فيرمتك في الخطوبة، استقصى على الجدع، أحسن خايف عليك لا تطب.
سليم :
قلبك فيه الخير، أنا أعرفك حبيب، وإذا اتفضلت علي تعالى اتغدا عندي بكرة، وإذا أردت هات معاك الخواجة يعقوب؛ لأن الشب دا أنا أحبه كتير.
يوسف :
نتشرف يا سيدي.
سليم :
بكرة عندنا في الغدا العريس والخواجة أنطون السمسار، بقا نحن في الانتظار.
يوسف :
على عيني وراسي (في نفسه)
بقا أنطون هو اللي لحس السمسرة دي؟!
المنظر التاسع (أنطون والمذكورين)
أنطون (يدخل ويقول لسليم) :
يا خواجة سليم تعالى ادخل بنا البورصة، الخواجات بدهم يشوفوك ويهنوك ويباركوا لك (بصوت خفي ليوسف)
ها، تعرفش تعمل لك شغلة زي دي؟ لحسنا فيها خمسماية جنيه يا وليد.
يوسف (بصوت خفي إلى أنطون) :
يخي ما تفرحش، والله ما يبقوا بتوعك إلا لما يدخلوا جيبك.
سليم (ياخد أنطون من دراعه) :
يالله بنا (ثم يخرجوا).
يوسف :
والله ما انت فالح في المشوار ده يا أنطون، والله أحلق شواربي.
المنظر العاشر (يعقوب والمذكور)
يعقوب (يدخل) :
بشرنا يابو يوسف، ربنا يبشرك بالخير.
يوسف :
ما فلحناش آدي الكلام الجد، أنطون سبقنا، وأخد من الخواجة سليم استابينا على الخواجة حليم، لكن ما تخافشي، أقطع دراعي إذا تمت العبارة.
يعقوب :
بقا حليم اللي رايح يتجوزها، إلا واللهي لا اموته، هوا فين؟ فرجوني.
يوسف :
إيه دا إيه دا، موش كدا الكلام، الصبر طيب.
يعقوب :
اصبر ازاي، بقا اصبر وأخليه يتجوزها، وديني وما أعبد إلا اموته واموت فيه ، الخواجة سليم فين يا هوه؟
يوسف :
الخواجة سليم دخل البورصة، الناس قاعدين بيهنوه، وانت اكتم الدم على القيح، موش تعمل نفسك هتيكة، ومن غير شك انت اللي تتجوزها وتخرق عينه، بكرة أنا معزوم وياك نتغدا عند العروسة، وأنا مستحضر على ملعوب تسعة وتسعين الماية يصح، بقا عليك ما تستناتي قبل الضهر بساعة لاجل ما نروح على هناك، والا الأحسن اسبقني انت على كل حال تقابل البنت، وتعمل غاية جهدك كونك تعصيها على الجدع، أهم كل جماعة البورصة طالعين على هنا، فرجني مرجليتك وبارك للخواجة سليم، واعمل نفسك كأنه ما عندكش خبر وإلا ملعوبنا يخسر.
يعقوب :
ما تفتكرش.
المنظر الحادي عشر (سليم وحليم وأنطون والتجار وجملة خواجات والمذكورين)
يعقوب (لسليم) :
مبروك ما عملت يا خواجة سليم.
سليم :
الله يبارك فيك يا بني عقبال عندك.
يعقوب (لحليم) :
ربنا يتمم بخير يا خواجة حليم.
حليم (ليعقوب) :
الله يحفظك عقبال عندك انت التاني.
يوسف (في نفسه) :
والله الواد جدع (ينطفي نور السين)
داه دي، إحنا بقينا في الظلام.
أنطون :
الساعة لسة ما جاتش تسعة، الشغل دا إيه (الخواجات يصيحوا)
فين الخواجة فلاك؟
سليم :
الساعة تقريبا عشرة، بس إحنا اللي خدنا الوقت في البيع والشرا، وميعاد البورصة خالص من زمان، يالله بنا، بنا سيرة (جميعهم يمسوا على بعض رايحين جايين بنا سيرة بنا سيرة بون نوي بون نوي ثم يتوجهوا وتنقفل الستارة) .
غنوة أول فصل
انفضت البورصة وخلصت أشغالها
والجاز انطفى والناس راحت لحالها
اطلبوا من الله يا بنكييريه
يحرس لنا البورصة المصرية
الملعب الثاني
الفصل الأول من تاني جزء
في بيت الخواجة سليم
المنظر الأول (فرج ثم تريزة - فرج فقط)
فرج :
دا احنا بقينا تقريبا الضهر، والجماعة لسة ما صحيوش والساعة دقت أربعة، يا ترى أدخل أصحي الخواجة والا أخليه مكوع، يخي لا احسن أصحيه خصوصا النهار ده اللي عندنا ضيوف؛ لأن الخواجة ليلة امبارح وهو راجع من السهرة قال: يا فرج اعمل لنا غدوة لبكرة الضهر، لكن تكون عظيمة في همتك يا وليد ؛ لأنه عندنا العريس معزوم وكام جدع من أصحابه؛ لأنه بكرة بإذن الله نتمم خطوبة ستك لبيبة. أما أنا كان بدي اسأله عن اسم العريس، لكن افتكرت لازم إنه يكون الخواجة يعقوب؛ لأنه يظهر عليه علامات الحب، دا يومي على الله يعطيني جوابات أوصلهم للست وعليهم شرب الدخان، أما احنا في غدا النهار ده، إنشا الله يطلع بهجة؛ لأن أبو فرج أوسطى عليه الكلام، من صنف السلطات خمسة، والبدنجان المصقعة والكوسة تسعة، الشاورمة والقاورمة والضلوع المحشية ما لهمش عدد، الكبابات والمحمرات دول خليهم على جنب، الشوربة يخي والطماطم، والمكارونة من غير حساب، ما بديش أقول لكم على المحلى والفواكه، شيء يحير العقول، من صنف الملانة وطالع، كل دول يستاهلوا البقشيش بس يا خوفي لتشاركني الكماريرا، أقول لكم، أنا بحب البنت دي، ما تواخذونيش آه، إذا رضيت تتجوزني كنت ابقا أشوف فيها ليلة القدر، هس يا واد، آهي جايه.
تريزة (تدخل) :
إنت هنا يا فرج بيعمل إيه، إنت ليه موش يجعد في الأوضة بتاع السفرة يحضر الغدا، إنت موش يعرف إحنا عندنا معزومات النهار دا، وانتي بس أوجدي هنا تتفسخي.
فرج (في نفسه) :
أتفسخ إيه، فالك في سنانك، يخي لا عدوك من التفسيخ (لتريزة)
أنا قاعد هنا بينفض الكراسي والموبليه، أحسن ما يدخلوا المعازيم يلقوا الموبليه مطربة.
تريزة :
إنتي تعرفي يا فرج، إن الست الصغيرة رأيها تتجوزي.
فرج :
أيوا النهار دا الخطوبة، عقبال عندنا.
تريزة :
موش فهمتوا أقبال أندنا يعني إيه؟
فرج :
يعني إنشالله أنا وإنتي سوى سوى يتجوزوا.
تريزة :
إنتي تتجوزي مين؟
فرج (في نفسه) :
رايح أقول لها والسلام، يعني رايحة تقطع راسي، دا الخشو في الرجال يرث الفقر (لتريزة)
أنا بدي أتجوز إنتي.
تريزة :
إنتي بدك عاوز يتجوز أنا، إنتي مجنونة أنا موش يتجوز فلاخ، أنا تموتي أخسن.
فرج :
عدوك يموت، أما قولي لي، الفلاح مش راجل زي غيره؟ يا ترى ناقص إيه؟
تريزة :
الفلاخ راجل، لكن موش راجل كويسة، وخش زي الكنزير.
فرج :
الله يحفظك، بقا ما فيش عشم .
تريزة :
يالله ادخلي أوضة سفرة، وصلحي الطاولة كويس على شان فاضل ساعة ونصف منشان جدا.
فرج (في نفسه) :
ما فيش فايدة يا واد. (لتريزة)
روحي صحي الخواجة أمال.
تريزة :
دي موش شغلك.
فرج (في نفسه) :
يلعن أبو الكبر، أما أنا رايح بيت الخواجة يعقوب أبارك له (ثم يخرج).
تريزة :
الكدامة دي ما يستحيش، هوا جلتي لي إنه تحب أنا، دي مجنونة، والله أنا في واحد أكتر كبير منه يحبني، لكن واحد كواجة كبيرة، وكمان يمكن تتجوزيني، يعني إيه؟ في كواجات كتير يتجوزوا كمريرات، ها ها، الكواجة جوم من النوم، هيا تجي هنا.
المنظر التاني (سليم وتريزة)
سليم (يدخل) :
إنتي هنا يا تريزة، ولبيبة لسة نايمة؟
تريزة :
هيا كمتي بتلبس، إنتي عاوز أنا ينده هيا؟
سليم :
أيوا بس هاتي لي واحد كافيه قبلا، وبعدين اندهي لها.
تريزة :
هاضر يا سيدي (تخرج).
سليم :
أما كانت ليلة عظيمة ليلة امبارح بحس ألمس، كان زي صوت الكيروان، صدق من سماها بلبل مصر، أما انجلت في آخر الليل، دا حرام عليها لما قالت: الفجر أهو لاح، قوموا يا تجار النوم، عجب تناموا الليالي، وجدكم جت النومة اللي كانت رايحة تزور عيني طارت. داه دي، دانا اسقيت روحي نقط عظيم، وأما سلامة عيني من الطير (يتتاوب)
أما أنا جيعان نوم، ولا بد لي من غفلة بعد الغدا، تعوض قلة نوم ليلة امبارح.
تريزة (تدخل وتعطيه القهوة) :
اتفضلي اشربي قهوتك.
سليم :
شاطرة يا بنتي سلم إيدك، أما دي قهوة عظيمة، ابقي فكريني بعد الظهر أعطيكي ورقة تروحي بها عند الخواجة كموان، تقطعي لك بدلة باريس، حرير، أطلس، زي ما يعجبك، تلبسيها يوم حنة لبيبة.
تريزة :
كتر كيرك يا سيدي، ربنا يكليكي ويكلي لك لبيبتك.
سليم :
روحي اندهي لها؛ لأني بدي أكلمها.
تريزة :
حاضر (تخرج).
سليم :
ليلة امبارح كل الناس لما سمعت بالخطوبة هنتني وشكرت لي كتير في حليم، أما الكلام على لبيبة؛ لإن نحن موش من الأبهات دكهم اللي يغصبوا بناتهم بالجواز لمن يريدوه، لا إحنا على افرنكا، أما إن جينا للحق، الآلافرنكه دي في غير محلها؛ لأن البنت من دول، خصوصا في أيامنا هذا، اللي كلهم متقمطين، وما يعجبهمش إلا الجدعان المعطرين؛ لأن الأب من دول إذا قدم لبنته جدع تمام يكون كامل وشاطر في السوق ما ترضاش به، ويخسرون بختهم بيدهم، لا لا الخواجة حليم دا يعجبني قوي، ولبيبة لازم تاخده وترضا به، أهي داخلة لما نشوف بقا رايحة تقول إيه؟ لا بد إنها رايحة تنسر، والا يمكن تتبغدد وتقول لي إنها صغيرة على الجواز، والحال عمرها بلغ ستة عشر سنة، واللي زيها إذا فاتت عليه ستة سنين كمان بارت، وفي أمرها احتارت، ويبقوا ينزلوا لها منادي في الأسواق يفتشوا لها على العشاق.
المنظر الثالث (سليم ولبيبة)
لبيبة (تدخل) :
صباح الخير يابا.
سليم :
يسعد صباحك يا بنتي، ازيك صبحتي، إن شا الله بخير، خدي لك كرسي وتعالي اقعدي جنبي؛ لإني عندي أخبار تسرك.
لبيبة (تجلس على الكرسي) :
آديني يا بابا، سمعني أخبارك اللي لا شك يسروني؛ لأني ما أجهلش حبك، ولا يوجد أب في الدنيا يعز بنته مثلك.
سليم :
صدقتي يا بنتي، ربنا يعلم بالقلوب، أنا ما ليش حد غيرك في الدنيا، إنتي بنتي حيلتي، وأنا طالب من المولا بأن يخليكي لي، وتفرحي وتتجوزي وتجيبي ولاد، أبقا أقعدهم على حجري دا، وأبوسهم وأشتري لهم لعبات، وأنزل بهم الأزبكية كأني دادة، يا رب ما تحرمنيش من الفرحة دي، بقا شوفي يا بنتي إحنا لقينا لك عريس، وإيش من عريس، ما فيش زيه، طويل عريض، جميل ولطيف، كل بنات مصر ميتين في هواه، أقول لك على اسمه، ولا تحزري إنتي؟
لبيبة :
أنا بطلت أحزر يا بابا.
سليم :
آه يا مكارة، لما أقول لك على اسمه.
لبيبة :
قول لي امال.
سليم :
حليم، هيه، إزي الحال ما هوش لقطة؟
لبيبة :
موسيو حليم شب ظريف، لكن يا خسارة.
سليم :
يا خسارة إيه كمان؟
لبيبة :
يا خسارة إني ما ليش غرض أتجوز.
سليم :
وعدم رضاكي سببه إيه؟
لبيبة :
صغر سني.
سليم :
يخي لا، دا يمكن ما عجبكيش والا ما انتيش صغار، اللي ندك جابوا ولاد.
لبيبة :
طيب وإذا كان ما عجبنيش آخده بالغصب؟
سليم :
بالغصب لأ، فقط غلطانه في عدم قبوله، أقول لك، أنا عندي شورة.
لبيبة :
سمعنا شورتك.
سليم :
الشورة إني أخطبك عليه، ونعمل معاد ستة اشهر من الخطوبة للعرس، إذا في المسافة دي عجبك وحبيتيه ربنا يفرحكم في بعض، وإن ما عجبكيش نكسر الخطوبة، قلتي إيه ما هيش شورة دي؟
لبيبة :
طيب ليه تتعب روحك على قد كدا؟ يعني قلة جدعان؟
سليم :
يا ترى تحت عينك حد؟ قولي لي عليه.
لبيبة :
تقول إيه في يعقوب؟
سليم :
شب ابن ناس لكن موش من درجتنا، موش بانكيير، بعدين الناس تحكي في حقنا، وغير ذلك فرق كبير بينه وبين حليم.
لبيبة :
أقول لك أنا الفرق إيه؟ يعقوب عالم ومتمدن، وحليم جاهل ورزل.
سليم :
ومين عرفك بالفرق دا؟ قلنا يعقوب نعرفه كونه بيجي عندنا بعض امرار، أما حليم ما شوفتوش إلا ليلة امبارح.
لبيبة :
وجدت دمه تقيل.
سليم :
طيب لما وجدتي دمه تقيل.
لبيبة :
يعني ما اسطلتفوش.
سليم :
لكن يقولوا الناس إنه من أول مرة إذا الإنسان شاف الثاني، ما يقدرش يرسى عن حقيقة طبعه إلا لما يعاشره وهو يعاشرهم، ويكشف لهم فضايل وأخلاق لطيفة، إنتي اسمعي شورتي وما قدامك إلا الخير.
لبيبة (في نفسها) :
طيب أرضى دلوقت على شان خاطر بابا، وبعدين أعرف شغلي، (لسليم)
أمرك يا بابا، أنا ما أقدرش أخالف كلامك.
سليم :
أخ يا بنتي فرحتيني (يبوسها ثم يتوجه)
أنا رايح أشوف العريس؛ لإني عزمته عندنا للغدا، هوا وأنطون ويوسف وكمان يعقوب.
المنظر الرابع (لبيبة ثم فرج ويعقوب)
لبيبة :
حليم دا إجالنا منين، حقا دا كمان ما كنش على البال، إحنا في يعقوب، ما شفتوش ليلة امبارح في السهرة، يا ترى ماله؟ دا لازم يكون سمع الخبر الردي دا وانقهر، أما أنا مانيش خايفة عليه، وعمري ما اخد حد غيره.
فرج (يدخل ومعه جواب) :
يا ستي لبيبة، إنتي وحدك؟
لبيبة :
أيوا، أما أنا ما نيش شايفة، وريني إيه اللي في إيدك، دا لازم يكون جواب من يعقوب؟ هات هنا (تأخذ منه الجواب، ثم تقرأ في سرها).
فرج :
صدق من قال: إن القلب دليل. أما ما تواخذينيش يا ستي كوني ما أعطيتكيش الجواب دا من بدري، والسبب كوني وجدتك نايمة (ويعطيها الجواب)
ماهيش منتبها لي.
لبيبة :
أما المكتوب دا ريح فوادي يا فرج، ودلوقت جاي سيدك يعقوب، اطلع برا وخلي بالك، أول ما يوصل قول له يدخل دوغري لعندي؛ لأني باستناه.
فرج :
لا أقول له ولا يقول لي، دا الراجل ابن حلال، أهو داخل، أنا رايح أحضر السفرة (ثم يخرج).
يعقوب (يدخل مغموما) :
نهارك سعيد ياختي.
لبيبة :
ونهارك يا حبيبي، شوف إزاي أنا في فكرك، أهو جوابك لسة في إيدي، الحمد لله، موش هاين علي أطويه لأنني ما باشبعش منه.
يعقوب :
عشتي ياختي، دا بس من لطفك، والا الجواب ما يستاهلش على قد كدا، لكن القلوب عند بعضها، ولا يعلم بها إلا الله وحده، قولي لي، إنتي عارفة مين معزوم عندكم النهارده؟
لبيبة :
عريسي وأصحابه.
يعقوب (بحماقة) :
وبتضحكي كمان، أبوكي كلمك في المعرض دا، وقال لك إنه أعطا استابينا لحليم؟
لبيبة :
معلوم.
يعقوب :
وانتي رضيتي به؟
لبيبة :
وعدك.
يعقوب :
بقا نستأذن يا ستي (يعزم على الخروج).
لبيبة :
صدق من قال: إن الرجالة هبل. خليك قاعد خليك.
يعقوب :
بقا قلتي له لأ؟
لبيبة :
أنا أخالف كلام أبويا؟ هوا دا الأدب اللي بتعلمهولي؟
يعقوب :
إنتي رايحة تجنينيني؟ ما تفهميني زي الناس، قلتي له أيوا ولا لأ؟
لبيبة :
بس اهدأ، ما تخافش، ورحمة والدتي ما أخد غيرك، بقا شوف، أبويا راغب كتير لحليم، ولو إني قلت له ما أحبوش، برده غصبني، وأخذ مني قول إني أرضا بالخطوبة.
يعقوب :
بس، وعاوزة غير كدا إيه؟ يكفي دا إنتي جننتيني، سيبيني لما أروح.
لبيبة :
أنا رضيت بشرط.
يعقوب :
والشرط هوا إيه؟
لبيبة :
إن في مسافة الستة اشهر بتوع الخطوبة، إذا ما قدرش يخليني أعشقه أكسر الخطوبة.
يعقوب :
إنكان الأمر كذلك، العبارة موش فالحة.
لبيبة :
هس، سامعة حد جاي.
المنظر الخامس (تريزة والمذكورة ثم يوسف)
تريزة (تدخل ومعها ورقة زيارة للبيبة) :
خد يا مدموازيل، في واهد كواجه برا، وهيا عاوز تدكل.
لبيبة (ليعقوب) :
أظني الخواجة يوسف، (ثم لتريزة)
قولي له يتفضل.
تريزة :
طيب يا مدموازيل (ثم تخرج).
يعقوب :
يوسف صاحبي في الحقيقة، ودلوقتي تشوفي صداقته ومحبته لي، دا نادر في الأيام دي كون الإنسان يوجد له صاحب زي دا؛ لأن في الحالة هذه ما في الدنيا غير الزور وعدم الأمانة، والصاحب لا يماشي صاحبه إلا لغية، والخواجة يوسف لله الحمد صحبته معي بغاية الاستقامة والمحبة الكلية، كونه - لا سمح الله - لا هو عاوزني ولا أنا عاوزه، إلا فقط المعروف.
يوسف (يدخل) :
دستور.
لبيبة :
تفضل يا خواجة يوسف.
يوسف :
نهارك زي اللبن، وانتهاه إنشالله زي القشطة، أنا قلبي دليل.
يعقوب :
طيب خدلك كرسي واقعد.
يوسف :
أنا ما اقعدش إلا بينكم انتم الاثنين، إنت تغير يا يعقوب؟
يعقوب :
أنا ما أعرفش الغيرة تبقا إيه؛ لأن الغيور سيئ البخت، والغيرة ما لها فايدة؛ لأن ما ينتج منها شيء، والأمان في حق الناس من جهة أزواجهم تمنع وتبعد عن أفكارهم كل ما لا يليق.
يوسف :
بردك فيلسوف ولا يتخافش عليك، إحنا في الجماعة غابوا.
يعقوب :
إنشالله ما عنهم إجوا.
يوسف :
إنت ما تقدرش تشوف حليم دا.
يعقوب :
أشوف العما ولا هوا.
يوسف :
بتقول إن ما عندكش داء الغيرة؟
يعقوب :
وأنا أغير من النسناس دا الرزل؟
لبيبة :
أنا سامعه حس مشي، يكونش هما؟
يعقوب (ينظر للباب) :
هم بذاتهم.
المنظر السادس (سليم وأنطون ويوسف والمذكورين وحليم) (في الجلوس أول الصف سليم وعلى شماله أنطون ثم حليم ثم يوسف ثم لبيبة وآخر الصف يعقوب.)
سليم :
آدحنا جينا، دا انت سبقتنا يا خواجة يعقوب.
يوسف :
هوا ما سبقناش بل حضر في الميعاد؛ لأننا نحن تأخرنا.
أنطون :
الحق معه أنا أعمل إيه في البورصة اللي واخده عقلنا، إحنا خلينا من الكلام دا، (للبيبة)
إئذنيني كوني أقدم لك الخواجة حليم (يقدموا لها) .
حليم :
مدموازيل أنا أنجنتيه أعمل الكونتنس بتاعتك.
لبيبة (تنحني له) :
مرسي (تقول في نفسها)
يمرزله.
حليم :
إئذنيني أبوس إيدك اللطيفة (يريد يبوس يدها).
لبيبة (ثم تنتش يدها، وتقول) :
بردون يا مسيو (في نفسها)
أدي اللي بده يقلدهم سبقهم.
يعقوب (في نفسه) :
قال بده يبوس إيدها، دا أنا كنت طيرت عنيه لو تجاسر.
حليم (للبيبة) :
عشمي إن حضرة المدموازيل ما هيش فاشية من اللي كان بدي أعمله وياها، لكن عندنا نحن يا فرنك إن العريس يبوس إيد العروسة.
يعقوب :
بس، قال عندنا إحنا يا فرنك، ما كأنه جاي من باريس في علبة مصفحة، دا إحنا نسينا بابا وماما.
سليم :
إحنا ربنا خلقنا واقفين؟ أما نقعد أمال، اتفظلوا ارتاحوا يا جماعة.
أنطون (إلى يعقوب) :
سمعنا أخبارك يا خواجة يعقوب، حضرتك تملي تقرا الجنرالات البلوتيكا، إزيها فرانسا وبروسيا وإسبانيا وإيطاليا؟ إنشا لله يكونوا هديين.
يعقوب (يتوشوش مع لبيبة) :
أنا موش على بالي منه (يداوم على الوشوشة) .
حليم :
موش على بالك من مين، على المغفلين السلام، دا الراجل بيسألك في البلوتيكا تقول له ما على بالك منه.
يوسف (لحليم) :
بردون هوا موش بيجاوب أنطون، دا سؤال سألته له ستي لبيبة بيجاوبها عليه (بصوت خفي لحليم) ؛ لأنه كما لا يخفاك بينهم وبين بعض عشرة قديمة، اصحا تغير.
حليم (ليوسف) :
أغير من إيه ياخدوا لهم ستة شهور بالطول ولا بالعرض.
أنطون (لحليم) :
معالكش منه، دا لعب صغار، الرك كله على الجنيهات، والله ما حد رايح ياخدهم ويضحك على دقنه غيرك، خليهم يتسايروا.
حليم (إلى أنطون) :
معلوم برده رأيك في محله.
سليم :
داه دا، كل اتنين بيتوشوشوا مع بعض وأنا أفضل قاعد ساكت، يعني قول لي يا خواجة يوسف، إزاي حال البون النهار دا؟
يوسف :
متشرف حصل عشرة وخمسة أتمان، لكن مع كل ذلك في خوف من تغيير البلوتيكة خصوصا اليومين دول من جهة عبارة الابامة، يحتمل كونه ينتج منها حرب مهول ما بين الأميركا والإنجلترا.
حليم :
اسكت يا شيخ، فالك يكسر أسنانك ، دانا شاري أكتر من خمسين ألف جنيه.
يوسف :
حقا تخسر فيهم الجلد والسقط؛ لأنك شاري بحداشر، وإذا فرقت عليك البيعة خمسة ستة الماية تروح وشار.
أنطون :
يخي ما تبشرش عليه، يا شيخ حرام عليك.
سليم :
لأ ... إن جيت للحق الشغل اللي بلجهجهوني مخطر، ومرة تانية إذا سمعت شورتي يا خواجة حليم اشتغل بتأمل؛ لأن كترة الجسارة عقبها ردي، إنشا لله المرة دي تعدي على خير، لكن في المستقبل كون محاذر؛ لأن انت لسه عضمك طري من غير مؤاخذة.
أنطون :
كلامك في محله يا خواجة سليم.
حليم (بصوت خفي إلى أنطون) :
ما تفتح سيرة الخطوبة بتستنا إيه.
أنطون (إلى سليم) :
بقا اتفضل أهو الكونتراتوا بتاع الخطوبة يا خواجة سليم، أنا كتبته وخليت الأسامي على بياض. (يخرج الكونتراتوا من جيبه ويعطيه إلى سليم)
اقرا كده وشوف.
سليم (يأخذ ويقرأ سرا) :
لأ دا انت اتجبرت علي يا خواجة أنطون.
يوسف (في نفسه) :
أما الأيام دي الزواج صار كالمتجر والبنت من دول كأنها بالة مني فاتورة.
سليم (إلى أنطون) :
لأ، ستة آلاف جنيه كتير علي يا أنطون.
أنطون :
بلاغوش عليك.
يعقوب (للبيبة بصوت خفي) :
والله ما يسوي من الستة آلاف جنيه ولا فنتي واحد، إحنا في ملعوب يوسف مانيش شامم له ريحة، باللهي عليكي تسأليه.
لبيبة (إلى يوسف) :
إحنا في انتظار ملعوبك.
يوسف (في نفسه) :
من صبر نال ومن لج ما نال.
سليم (إلى أنطون) :
أنا قابل بالشروطات دي، فقط مرادي تخفيف المبلغ.
حليم :
يعني من غير مؤاخذة، إذا صرت أنا غني موش لبنتك؟
يعقوب :
لا شك أن الستة آلاف جنيه دول يروح منهم ألفين مصاريف، والأربعة آلاف اللي يبقوا على الألفين اللي عنده يقدر يشتغل به على كل حال.
سليم :
طيب على شان خاطرك أنا أقبل.
أنطون (إلى سليم) :
الله يحفظك يا بو سليم ويفرحك ويهنيك ويديم عليك الستر.
سليم :
بعد الغدا نعلم الشروط وليلة بكرة عندنا ألمس.
أنطون (إلى لبيبة) :
سامعة يا ستي لبيبة؟
لبيبة :
لأ؛ لأني كنت باتحدت مع الخواجة يعقوب ، أنا يعجبني كلامه.
يعقوب (إلى لبيبة) :
دا من لطفك يا حبيبتي.
يوسف (إلى حليم بصوت خفي) :
شايف الود.
حليم (إلى يوسف ولبيبة) :
دا موش شغلك. (إلى لبيبة)
يا ستي لبيبة، دا النهار دا يوم مبارك.
لبيبة :
بارك الله فيك (من غير نفس).
المنظر السابع (تريزة والمذكورين)
تريزة (تدخل وفي يدها جواب) :
في واخد مكتوب من البورصة على شأن الكواجه السمسار اللي بتاكل هنا النهار دا.
أنطون :
فرجيني (ثم يأخذه منها)
دا يمكن لي الجواب دا (ينظر العنوان)
دا إلى يوسف تأذنني يا خواجة يوسف أشوف السيرة إيه؟
يوسف :
تفضل، دا لازم يكون شريكي بيسألني عن بيعة من دول، وغير إحنا يا سماسرة ما فيش بيننا أسرار.
أنطون (يفتح الجواب ويقرأ) :
حضرة شريكنا العزيز.
يعقوب (بصوت خفي إلى لبيبة) :
يكنش الملعوب في الجواب دا؟
لبيبة :
ما أظنيش.
أنطون (يقرأ وحده) :
احضروا حالا؛ لأن البورصة قايمة قاعدة، ورد تلغراف من لوندرة إلى إخوان وردان، بيوري فيه نزول الفوندي وإشهار الحرب من جهة الأميركا، وهنا البون نزل خمسة الماية مرة واحدة.
يوسف :
يا سلام حقا الفرق دا جاب خبرك يا حليم، دا ولا مهر العروسة ما يسدش في الخسارة دي.
حليم (يزعل على أنطون) :
أنا ما كنش لي غرض في بيعة الخمس آلاف جنيه، إنت اللي غاويتني (يقوم) عن إذنك يا خواجة سليم. (يخرج.)
أنطون :
دا لازم يكون خبر كذب، إحنا نرجع حالا يا خواجة سليم (ثم يخرج).
سليم :
مسكين الجدع، خايف لا يكون قدم الخطوبة ما جاش عليه.
يوسف :
ما تقولش كده، قول: أحسن، اللي ما يشتغلش على قدر حاله دايما خسارته قريبة، وحليم لا بد له أن يفلس؛ لأنه وحياتك ما عندوش ولا ماية جنيه، أهو فشر بالكدب، باللهي عليك الخواجة يعقوب ليه ما بيشتغلش الشغل دا، ألف مرة خواجته قال له: اشتغل وأنا أساعدك. أما هو صاحب شرف ويخاف على عرضه.
سليم :
أيوا الحق هوا حليم مجنون.
يوسف :
قلنا كدا من الصبح قالوا اطلعوا من البلد.
لبيبة :
شفت يا بابا ، دا ربنا ستر.
يعقوب (يأخذ لبيبة من يدها ثم يركعوا أمام والدها) :
باركنا يا بابا.
يوسف :
أيوا، أيوا، باركهم وحط لنا فيرمتك على الكونتراتوا دا اللي نسيوه الجماعة.
سليم :
يا ولادي انتم قطعتوا قلبي، أقول لكم قوموا ربنا يفرحكم ويهنيكم ببعض.
لبيبة (تقبل أيادي والدها) :
الله يفرحك يا بابا زي ما فرحتني.
يعقوب (إلى لبيبة) :
ويجعل حياتنا في هنا وسرور، ويجبر بخاطر عمي زي ما جبر بخاطرنا.
يوسف :
يالله حط لنا فيرمتك وخلينا نكسب السمسرة إحنا التانيين.
سليم :
بارول دونير بتاعتي تكفي.
يعقوب :
وأنا قابل بها؛ لأن كلام الأمرا تمام.
أنطون (يدخل وصحبته حليم) :
دا الخبر كذب والبون برده متشرف.
يوسف :
خلونا من البون وباركوا للعرسان.
حليم :
الكلام دا إيه؟ (ثم يتغير ويصير بحالة مكرهة.)
يعقوب :
كلام جد.
يوسف :
عقبال عندك يا مسيو حليم، ابقا اعرف ونقي سماسرتك.
يعقوب :
المرجو من حضراتكم تشرفونا ليلة السبت في الفرح. (ثم يخرجوا جميعهم وتنقفل الستارة.)
غنوة تاني فصل
يوسف :
آدحنا فلحنا في الملعوب
وجوزنا لبيبة ليعقوب
وكدنا أنطون وغظنا حليم
ومن غفلته صحينا سليم
Page inconnue