Burhan Muayyid
البرهان المؤيد
Chercheur
عبد الغني نكه مي
Maison d'édition
دار الكتاب النفيس
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1408هـ
Lieu d'édition
لبنان
البرهان المؤيد
لصاحب مد اليد مولانا القطب الغوث السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه
مقدمة الواسطي تلميذ المؤلف
الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده والصلاة والسلام على الدرة النبوية الفريدة روح جسم الوجود وعلة كل موجود سيدنا ومولانا وقرة عيوننا ونبينا الرسول المكرم حبيب الرحمن محمد وعلى آله وأصحابه وعترته وأحبابه وتابعيه بإحسان إلى يوم الدين آمين آمين
Page 11
أما بعد فيقول العبد الفقير إلى رحمة الله شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي الواسطي كان الله له وغفر بفضله ذنبه وزلله قد تلقينا مع جم غفير من المحبين والإخوان الصالحين هذا الكتاب المبارك رواية من فم شيخنا وملجئنا بركة الإسلام وأستاذ الخواص والعوام القطب الغوث المقدم الذي امتازه الله على أوليائه بتقبيل يد النبي صاحب الأيادي الجليلة والخوارق الجزيلة حامل الخفيفة والثقيلة سيدنا الشيخ الكبير السيد أحمد ابن السيد أبي الحسن علي الرفاعي رضي الله عنه ابن السيد يحيى ابن السيد الثابت ابن السيد الحازم ابن السيد أحمد ابن السيد علي ابن السيد أبي المكارم الحسن المعروف برفاعة المكي ابن السيد المهدي ابن السيد محمد أبي القاسم ابن السيد الحسن ابن السيد الحسين ابن السيد أحمد ابن السيد موسى الثاني ابن الإمام إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن إمام المسلمين وزبدة آل النبي الأمين الذي امتحن بأنواع البلاء أمير المؤمنين أبي عبد الله الإمام الحسين الشهيد بكربلاء ابن سيد الأمة وسند الأئمة زوج البتول وصهر الرسول الذي قدره كاسمه حسن وعلي أمير المؤمنين أبي الحسنين الإمام علي رضي الله عنه وعنهم أجمعين وذلك سنة ست وخمسين وخمسمائة السنة التي عاد بها من سفر حجه المبارك قدس الله أسراره وضاعف إرشاده وأنواره في رباطه الشريف بأم عبيده على كرسي وعظه في مجالس معدودة
جمعناها في هذا الجزء وسميناه البرهان المؤيد لصاحب مد اليد مولانا الغوث الشريف الرفاعي أحمد
وها هي كما تلقيناها منه رضي الله عنه قال نفعنا الله به
Page 12
بسم الله الرحمن الرحيم
افتتاحية البرهان
الحمد لله حمدا يرضاه لذاته والصلاة والسلام على سيد مخلوقاته ورضي الله عن الصحابة والآل وأتباعهم من أهل الشرع والحال والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
أي سادة الزهد أول قدم القاصدين إلى الله عز وجل وأساسه التقوى وهي خوف الله رأس الحكمة وجماع كل ذلك حسن متابعة إمام الأرواح والأشباح السيد المكرم رسول الله
وأول طريق المتابعة حسن القدوة عملا بحديث ( إنما الأعمال بالنيات )
Page 13
ألا ترون أن رسول الله كيف قال لرجل قال له يا رسول الله رجل يريد الجهاد وهو يبتغي عرضا من الدنيا فقال له رسول الله ( لا أجر له )
فأعظم ذلك الناس فقالوا للرجل عد لرسول الله فلعلك لم تفهمه فقال الرجل يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرض الدنيا قال ( لا أجر له )
فأعظم ذلك الناس وقالوا عد لرسول الله فقال له الثالثة رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا فقال ( لا أجر له ) رواه الثقات وصححوه
فمن هذا ومثله علمنا أن نتائج العمل تحسن وتقبح بالنية
المحكم والمتشابه
فعاملوا الله بحسن النيات واتقوه في الحركات والسكنات وصونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة لأن ذلك من أصول الكفر قال تعالى
﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾
Page 14
والواجب عليكم وعلى كل مكلف في المتشابه الإيمان بأنه من عند الله أنزله على عبده سيدنا رسول الله وما كلفنا سبحانه وتعالى تفصيل علم تأويله قال جلت عظمته
﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا﴾
فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالى عما دل عليه ظاهره وتفويض معناه المراد منه إلى الحق تعالى وتقدس وبهذا سلامة الدين
سئل بعض العارفين عن الخالق تقدست أسماؤه فقال للسائل إن سألت عن ذاته فليس كمثله شئ وإن سألت عن صفاته فهو أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وإن سألت عن إسمه ف
﴿هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم﴾
وإن سألت عن فعله ف
﴿كل يوم هو في شأن﴾
Page 15
وقد جمع إمامنا الشافعي رضي الله عنه جميع ما قيل في التوحيد بقوله ( من انتهض لمعرفة مدبره فانتهى إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه وإن اطمأن إلى العدم الصرف فهو معطل وإن اطمأن لموجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد )
الله تعالى لا تحده حدود
Page 16
أي سادة نزهوا الله عن سمات المحدثين وصفات المخلوقين وطهروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحلول تعالى الله عن ذلك وأياكم والقول بالفوقية والسفلية والمكان واليد والعين بالجارحة والنزول بالإتيان والانتقال فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مما يدل ظاهره على ما ذكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد المقصود فما بقي إلا ما قاله صلحاء السلف وهو الإيمان بظاهر كل ذلك ورد علم المراد إلى الله ورسوله مع تنزيه الباري تعالى عن الكيف وسمات الحدوث وعلى ذلك درج الأئمة وكل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله ولكم حمل المتشابه على ما يوافق أصل المحكم لأنه أصل الكتاب والمتشابه لا يعارض المحكم
أقوال الأئمة
سأل رجل الإمام مالكا بن أنس رضي الله عنه عن قوله تعالى
﴿الرحمن على العرش استوى﴾
Page 17
فقال ( الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا وأمر به أن يخرج ) وقال إمامنا الشافعي رضي الله عنه لما سئل عن ذلك ( آمنت بلا تشبيه وصدقت بلا تمثيل واتهمت نفسي في الإدراك وأمسكت عن الخوض فيه كل الإمساك
وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه من قال لا أعرف الله أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه
وسئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن الاستواء فقال استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر
Page 18
وقال الإمام ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ( من زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك إذ لو كان على شيء لكان محمولا ولو كان في شيء لكان محصورا ولو كان من شيء لكان محدثا
فوائد النصيحة
أي سادة أطلبوا الله بقلوبكم هو
﴿أقرب إليه من حبل الوريد﴾
﴿أحاط بكل شيء علما﴾
Page 19
الدين النصيحة إذا قلتم لا إله إلا الله فقولوها بالإخلاص الخالص من الغيرية ومن خطورات التشبيه والكيفية والتحتية والفوقية والبعدية والقربية وخذوا نتائج الأعمال بخالص النية فقد قال سيد البرية عليه أفضل ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
الأركان الخمسة
أحكموا أعمالكم على الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام قال رسول الله ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان )
Page 20
إياكم ومحدثات الأمور قال أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) الله بالتقوى وعاملوا الخلق بالصدق وحسن الخلق عاملوا أنفسكم بالمخالفة وقفوا عند الحدود
﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم﴾
﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾
الطريق إلى الله تعالى
إياكم والكذب على الله والخلق فإن الدعوى كذب على الله وخلقه
Page 21
كل العبودية معرفة مقام العبدية الدين عمل بالأوامر واجتناب عن النواهي وخضوع وانكسار في الأمرين العمل بالأوامر يقرب إلى الله والاجتناب عن النواهي خوف من الله
طلب القرب بلا أعمال محال وأي محال الخوف مع الجرأة فضيحة
أطلبوا الله بمتابعة رسوله إياكم وسلوك طريق الله بالنفس والهوى فمن سلك الطريق بنفسه ضل في أول قدم
الإيمان والهوى
أي سادة عظموا شأن نبيكم هو البرزخ الوسط الفارق بين الخلق والحق عبد الله حبيب الله رسول الله أكمل خلق الله أفضل رسل الله الدال على الله الداعي إلى الله المخبر عن الله الآخذ من الله باب الكل إلى الحظيرة الرحمانية وسيلة الكل إلى الحظيرة الصمدانية ومن اتصل به اتصل ومن انفصل عنه انفصل قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )
Page 22
المعجزة الخالدة
أي سادة اعلموا أن نبوة نبينا باقية بعد وفاته كبقائها حال حياته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وجميع الخلق مخاطبون بشريعته الناسخة لجميع الشرائع
ومعجزته باقية وهي القرآن قال تعالى
﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله﴾
أي سادة من رد أخباره الصادقة كان كمن رد كلام الله تعالى آمنا بالله وبكتاب الله وبكل ما جاء به نبينا محمد رسول الله
قال تعالى
﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾
أفضل الصحابة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ثم سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه ثم سيدنا علي المرتضى كرم الله وجهه ورضي عنه والصحابة رضي الله عنهم كلهم على هدى روي عنه أنه قال ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
Page 23
يجب الإمساك عما شجر بينهم وذكر محاسنهم ومحبتهم والثناء عليهم رضي الله عنهم أجمعين فأحبوهم وتبركوا بذكرهم واعملوا على التخلق بأخلاقهم قال النبي ( أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة )
الأنوار اللامعة
ونوروا كل قلب من قلوبكم بمحبة آله الكرام عليهم السلام فهم أنوار الوجود اللامعة وشموس السعود الطالعة قال تعالى
﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾
وقال ( الله الله في أهل بيتي )
Page 24
من أراد الله به خيرا ألزمه وصية نبيه في آله فأحبهم واعتنى بشأنهم وعظمهم وحماهم وصان حماهم وكان لهم مراعيا ولحقوق رسوله فيهم راعيا ( المرء مع من أحب ) ومن أحب الله أحب رسول الله ومن أحب رسول الله أحب آل رسول الله ومن أحبهم كان معهم وهم مع أبيهم قدموهم عليكم ولا تقدموهم وأعينوهم وأكرموهم يعود خير ذلك عليكم
غيرة الله لأحبائه
الصقوا بأولياء الله
﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾
الولي من واد الله وآمن به واتقاه فلا تحادوا من واد الله
جاء في بعض الكتب الإلهية ( من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب )
الله يغار لأوليائه ينتقم لهم ممن يؤذيهم ويكرمهم بصون محبيهم وعون من يلوذ فيهم هم أخص المخاطبين بآية
﴿نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾
Page 25
عليكم بمحبتهم والتقرب إليهم تحصل لكم بهم البركة كونوا معهم
﴿أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون﴾
الأشراف
أي سادة حدوا المراتب وإياكم والغلو أنزلوا الناس منازلهم
أشرف النوع الإنساني الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأشرف الأنبياء نبينا محمد وأشرف الخلق بعده آله وأصحابه وأشرف الخلق بعدهم التابعون أصحاب خير القرون
هذا على وجه الإجمال وأما على وجه الإفراد فالنص النص وإياكم والأخذ بالرأي فما هلك من هلك إلا بالرأي هذا الدين لا يحكم فيه بالرأي أبدا حكموا آراءكم في المباحات
﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله﴾
Page 26
أذكروا أولياء الله تعالى بخير إياكم وتفضيل بعضهم على بعض رفع الله تعالى بعضهم على بعض درجات لكن لا يعرفها غيره ومن ارتضى من رسول أيدوا هذه العصابة بترك الدعوى شيدوا أركان هذه الطريقة المحمدية بإحياء السنة وإماتة البدعة
من أين جاء اسم الصوفية
أي سادة الفقير على الطريق ما دام على السنة فمتى حاد عنها زل عن الطريق
قيل لهذه الطائفة الصوفية واختلف الناس في سبب التسمية وسببها غريب لا يعرفه الكثير من الفقراء وهو أن جماعة من مضر يقال لهم بنو الصوفة وهو الغوث بن مر بن أد بن طابخة الربيط كانت أمه لا يعيش لها ولد فنذرت إن عاش لها ولد لتربطن برأسه صوفة وتجعله ربيط الكعبة وقد كانوا يجيزون الحاج إلى أن من الله بظهور الإسلام فأسلموا وكانوا عبادا ونقل عن بعضهم حديث رسول الله
فمن صحبهم سمي بالصوفي وكذلك من صحب من صحبهم أو تعبد ولبس الصوف مثلهم ينسبونه إليهم فيقال صوفي
ونوع الفقراء الأسباب فمنهم من قال التصوف الصفاء ومنهم من قال المصافاة وغير ذلك
Page 27
وكله صحيح من حيث معناه لأن أهل هذه الخرقة التزموا الصفاء والمصافاة وعملوا بالآداب الظاهرة وقالوا إنها تدل على الآداب الباطنة وقالوا حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن وقالوا من لم يعرف أدب الظاهر لا يؤتمن على أدب الباطن
كل الآداب منحصرة في متابعة النبي قولا وفعلا وحالا وخلقا فالصوفي آدابه تدل على مقامه زنوا أقواله وأفعاله وأحواله وأخلاقه بميزان الشرع يعلم لديكم ثقل ميزانه وخفته خلق النبي القرآن قال تعالى
﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾
من التزم الآداب الظاهرة دخل في جنسية القوم وحسب في عدادهم ومن لم يلتزم الآداب الظاهرة فهو فيهم غير لا يلتبس حاله عليهم لأن استعمال الآداب دليل الجنسية بل تكون علة الضم قال رويم رحمه الله تعالى التصوف كله أدب
وهذا الأدب الذي أشارت إليه الطائفة أدب الشرع كن متشرعا ودع حاسدك يكذب عليك وينسب ما يجب إليك
( ولست أبالي من رماني بريبة
إذا كنت عند الله غير مريب )
إذا كان سري عند ربي منزها
فما ضرني واش أتى بغريب )
Page 28
تحذيرات مفيدة
أيها السالك إياك ورؤية النفس إياك والغرور إياك والكبر فإن كل ذلك مهلك ما دخل ساحة القرب من استصغر الناس واستعظم نفسه من أنا ومن أنت
أي أخي كل واحد منا مسيكين أوله مضغة وآخره جيفة شرف هذا العرض جوهر العقل العقل ما عقل النفس وأوقفها عند حدها فإذا لم يكن عقل المرء عاقلا لنفسه موقفا لها عند حدها في أخذها وردها فليس بعقل وإذا حرم المرء الجوهر ذهب شرفه وبقي عرضا ثقيلا كثيفا لا يليق لمرتبة عزيزة ولا لمنصب نفيس وإذا تم عقله وكمل صار الحكم فيه للجوهر المحض فصلح أن يكون على تيجان الملوك والأكاسرة
وأول مراتب العقل الانخلاع عن الأنانية الكاذبة والدعوى الباطلة وصولة الفتق والرتق والواهب والسلب وإذا حكمه المقام وصار صفة عليه أيضا فاللازم عليه أن يعرف مبتدأه الطيني ومنتهاه الترابي وأن يقف بين هذه البداءة والنهاية بما يناسبهما من قول وفعل لأن وا عظ الله في قلب كل رجل مسلم
Page 29
من لم يكن له من نفسه واعظ لم تنفعه المواعظ كيف ينتفع بالموعظة من كان قلبه غافلا
قال سهل رحمه الله تعالى ( الغفلة سواد القلب
وقال السيد الأمين من حديث ( . . . ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
أي أخي تنتفع من موعظتي وأنتفع من موعظتك إذا أخلص كل منا
حتمية نشر العلم
أي أخي أنت أحسن مني زحمتك ذلة التلقي وأنا أخذتني سكرة التعليم
أي أخي إن أنا غلبت نفسي المسكينة وقلت لها علمك الله وأوجب عليك تعليم الإخوان وكاتم العلم يلجم بلجام من نار فتعبك لك قفي عند حدك ربما كان فيهم من هو عند الله أجل منك أخفاه عنك ليختبرك
Page 30