النَّوْعُ الثَّامِنُ: فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ
وَهِيَ مِثْلُ الْفَوَاتِحِ فِي الْحُسْنِ لِأَنَّهَا آخِرُ مَا يَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ فَلِهَذَا جَاءَتْ مُتَضَمِّنَةً لِلْمَعَانِي الْبَدِيعَةِ مَعَ إِيذَانِ السَّامِعِ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ حَتَّى يَرْتَفِعَ مَعَهُ تَشَوُّفُ النَّفْسِ إِلَى مَا يُذْكَرُ بَعْدُ
وَمِنْ أَوْضَحِهِ خَاتِمَةُ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ﴾ وَخَاتِمَةُ سُورَةِ الْأَحْقَافِ: ﴿بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا القوم الفاسقون﴾ وَلِأَنَّهَا بَيْنَ أَدْعِيَةٍ وَوَصَايَا وَفَرَائِضَ وَمَوَاعِظَ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَتَفْصِيلِ جُمْلَةِ الْمَطْلُوبِ فِي خَاتِمَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذِ الْمَطْلُوبُ الْأَعْلَى الْإِيمَانُ الْمَحْفُوظُ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُسَبِّبَةِ لِغَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ فَفَصَّلَ جُمْلَةَ ذَلِكَ بُقُولِهِ ﴿الذين أنعمت عليهم﴾ وَالْمُرَادُ الْمُؤْمِنِينَ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْإِنْعَامَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ ليتناول كل إنعام لأن من أنعم عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ فَقَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِكُلِّ نِعْمَةٍ لِأَنَّ نِعْمَةَ الْإِيمَانِ مُسْتَتْبِعَةٌ لِجَمِيعِ النِّعَمِ ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين﴾ يعني أنهم جمعوا بين النعمة الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ الْمُسَبَّبَيْنِ عَنْ مَعَاصِيهِ وَتَعَدِّي حدوده