Le Burhan dans les sciences du Coran
البرهان في علوم القرآن
Chercheur
محمد أبو الفضل إبراهيم
Maison d'édition
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
وقال الراغب إنما كرر ﴿لا﴾ فيهما عَلَى سَبِيلِ الْإِنْذَارِ بِالْوَاعِظِ إِذَا وَعَظَ لِأَمْرٍ فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ اللَّفْظَ لِأَجْلِهِ تَعْظِيمًا لِلْآمِرِ قَالَ وأما تغييره النظم فلما كان قبول وَأَخْذُهُ وَقَبُولُ الشَّفَاعَةِ وَنَفْعُهَا مُتَلَازِمَةً لَمْ يَكُنْ بَيْنَ اتِّفَاقِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَاخْتِلَافِهَا فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى
وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ لَمَّا كَانَ النَّاسُ مُتَفَاوِتِينَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ أَنْ يُشْفَعَ فِيهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْعَدْلِ الَّذِي يُخْرِجُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ الْعَدْلَ مُقَدَّمًا عَلَى الشَّفَاعَةِ ذَكَرَ ﷾ الْقِسْمَيْنِ فَقَدَّمَ الشَّفَاعَةَ بِاعْتِبَارِ طَائِفَةٍ وَقَدَّمَ الْعَدْلَ بِاعْتِبَارِ أُخْرَى
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى الظَّاهِرُ أَنَّهُ ﷾ إِنَّمَا نَفَى قَبُولَ الشَّفَاعَةِ لَا نَفْعَهَا وَنَفَى أَصْلَ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْفِدَاءُ وَبَدَأَ بِالشَّفَاعَةِ لِتَيْسِيرِهَا عَلَى الطَّالِبِ أَكْثَرَ مِنْ تَحْصِيلِ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْفِدَاءُ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمَّا تَقَرَّرَ زِيَادَةُ تَأْكِيدِهَا بَدَأَ فِيهَا بِالْأَعْظَمِ الَّذِي هُوَ الْخَلَاصُ بِالْعَدْلِ وَثَنَّى بِنَفْعِ الشَّفَاعَةِ فقال: ﴿ولا تنفعها شفاعة﴾ وَلَمْ يَقُلْ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَإِنْ كَانَ نَفْيُ الشَّفَاعَةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ قَبُولِهَا لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ تَكُونُ نَافِعَةً غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَتَنْفَعُ لِأَغْرَاضٍ مِنْ وَعْدٍ بِخَيْرٍ وَإِبْدَالِ الْمَشْفُوعِ بِغَيْرِهِ فَنَفْيُ النَّفْعِ أَعَمُّ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نَفْيِ الْقَبُولِ وَنَفْيِ النَّفْعِ بِالشَّفَاعَةِ تَلَازُمٌ كَمَا ادَّعَاهُ الرَّاغِبُ وَكَانَ التَّقْدِيرُ بِالْفِدَاءِ الَّذِي هُوَ نَفْيُ قَبُولِ الْعَدْلِ وَنَفْيُ نَفْعِ الشَّفَاعَةِ شَيْئَيْنِ مُؤَكِّدَيْنِ لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الشَّفَاعَةِ أَمْرٌ زَائِدٌ نَفْيُ قَبُولِهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَخْبَرَ بِنَفْيِ النَّفْعِ لَا بِنَفْيِ الْقَبُولِ فَقَالَ: ﴿فَمَا تنفعهم شفاعة الشافعين﴾ وقال: ﴿ولا تنفع الشفاعة عنده﴾ الْآيَةَ
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ عَمَّكَ
1 / 126