بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله على نعم تسلسل اتصالها فِي كل حِين وتواتر ترادف إفاضتها على كل آحَاد بِلَا حصر وَتَعْيِين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد ومولانا خَاتم النَّبِيين وَسيد الْمُرْسلين وقائد الغر المحجلين وعَلى آله الأكرمين وصحابته المبجلين وعَلى التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين
أما بعد فَهَذِهِ نبذة منيفة ومنحة شريفة ضمنتها بَيَان مَا اصْطلحَ عَلَيْهِ أهل الحَدِيث فِي الْقَدِيم والْحَدِيث جَعلتهَا تذكرة لنَفْسي وَلمن شَاءَ الله من الإخوان بعدِي رَجَاء أَن أنتظم فِي سلك خدمتهم وَأَن تشملني بركَة دعوتهم جمعتها من جموع كتب الْفَنّ وأوردت فِيهَا كل مستحسن وسميتها بلغَة الأريب فِي مصطلح آثَار الحبيب ﷺ وَشرف ومجد وَعظم
وَقد سهلت فِيهَا الطَّرِيق على كل طَالب ويسرت فِي تنسيقها حَتَّى انْتهى إِلَيْهَا منَاط كل رَاغِب مَعَ اعترافي بِأَنِّي قصير الباع قصي الإطلاع وَإِنِّي لست من فرسَان هَذَا الميدان وَأَن لَيْسَ لي فِي حل عقدته يدان وعَلى الله توكلي وَبِه أستعين فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين وَهَذَا أَوَان الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود بعون الْملك المعبود
فَاعْلَم أَن الْخَبَر إِن وصلت طرقه إِلَى رُتْبَة تعداد تحيل الْعَادة وُقُوع الْكَذِب مِنْهُم تواطؤا أَو اتِّفَاقًا بِلَا قصد مَعَ الاتصاف بذلك فِي كل طبقَة مصاحبا إِفَادَة الْعلم اليقيني الضَّرُورِيّ بِصِحَّة النِّسْبَة إِلَى قَائِل فمتواتر وَالصَّحِيح فِيهِ عدم التَّعْيِين وَمن عين فمنشؤه الِاسْتِدْلَال بِمَا جَاءَ فِيهِ ذكر ذَلِك الْعدَد
وَإِلَّا فآحاد وَيُوجب الْعَمَل بِهِ
فَإِن كَانَ بِوَاحِد فَقَط فَإِن وَقع التفرد فِي أَي مَوضِع كَانَ فَغَرِيب
وينقسم إِلَى صَحِيح وَغَيره وَكَذَلِكَ غَرِيب إِسْنَاد فَقَط وغريب متن وَإسْنَاد مَعًا وَلم يُوجد إِلَّا إِن اشْتهر ذَلِك الْوَاحِد ثمَّ روى عَنهُ كَثِيرُونَ كَحَدِيث إِنَّمَا (الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ)
وَذَلِكَ التفرد إِن وَقع فِي أصل السَّنَد ومداره ففرد مُطلق كَحَدِيث (النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء وهبته) وَقد ينْفَرد بِهِ راو عَن ذَلِك المتفرد وَقد يسْتَمر فِي جَمِيع رُوَاته أَو أَكْثَرهم
أَو بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص معِين وَإِن كَانَ مَشْهُورا بطرِيق آخر ففرد نسبي ومعين
1 / 187
أَو بِاثْنَيْنِ فَقَط عَن اثْنَيْنِ فَقَط وَلَا أقل فعزيز سمي بِهِ لقلَّة وجوده أَو قوته
أَو بِأَكْثَرَ مِنْهُ فمشهور سمي بِهِ لوضوحه أَو اشتهاره على الْأَلْسِنَة سَوَاء وجد لَهُ سَنَد وَاحِد أَو لم يُوجد أصلا وَهُوَ المستفيض على رَأْي وَقيل غير ذَلِك
والآحاد بأقسامه الثَّلَاثَة مَقْبُول يجب الْعَمَل بِهِ ومردود لم يرجح صدق الْمخبر بِهِ
فَالْأول على أَرْبَعَة أَقسَام ١ فَإِن نَقله عدل بِأَن لم يكن فَاسِقًا وَلَا مَجْهُولا تَامّ الضَّبْط بِأَن لم يكن مغفلا أَو أخف مِنْهُ مُتَّصِل السَّنَد غير مُعَلل وَلَا شَاذ فَصَحِيح لذاته
٢ - أَو وجد الْقُصُور مَعَ كَثْرَة الطّرق فَصَحِيح لَا لذاته
ويتفاوت فِي الْقُوَّة بِاعْتِبَار ضبط رِجَاله وتحري مخرجيه وَمن ثمَّ قدم مَا أخرجه البُخَارِيّ ثمَّ مُسلم ثمَّ مَا اتفقَا عَلَيْهِ ثمَّ مَا انْفَرد بِهِ أَحدهمَا ثمَّ مَا على شَرطهمَا أَو أَحدهمَا ثمَّ مَا على شَرط غَيرهمَا
وَمِنْهَا كَرِوَايَة الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وكرواية النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود وَتسَمى رُتْبَة عليا وَدون ذَلِك كَرِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس وَدون ذَلِك كسهيل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
٣ - فَإِن قل الضَّبْط مَعَ وجود الْبَقِيَّة فَحسن لذاته يحْتَج بِهِ كَالصَّحِيحِ كَرِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده
٤ - فَإِن قَامَت قرينَة ترجح جَانب قبُول مَا يتَوَقَّف فِيهِ فَهُوَ حسن لَا لذاته وَالْأول إِن اعتضد صَار صَحِيحا لغيره وَيُسمى الْحسن لشَيْء خَارج وَيعْمل بِهِ فِي فَضَائِل الْأَعْمَال كالضعيف بل أولى
وَأما فِي الْأَحْكَام فَإِن كثرت طرقه قيل وعضده اتِّصَال عمل أَو مُوَافقَة شَاهد صَحِيح أَو ظَاهر الْقُرْآن عمل بِهِ فِيهَا أَيْضا وَإِلَّا فَلَا
واجتماع حسن مَعَ الصَّحِيح إِمَّا للتعدد فِي النَّاقِل أَو بِاعْتِبَار إسنادين
وَتقبل زِيَادَة راويهما الْعدْل الضَّابِط على غَيره إِن لم يَقع تناف بَينهَا وَبَين رِوَايَة من لم يزدْ
1 / 189
وَإِلَّا فَإِن لزم من قبُول إِحْدَاهمَا رد الْأُخْرَى احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيح
فَإِن خُولِفَ بأرجح مِنْهُ وَأولى إِمَّا لمزيد الضَّبْط أَو كَثْرَة الْعدَد أَو نَحوه فَإِن كَانَ مَقْبُولًا فشاذ وَالرَّاجِح مَحْفُوظ
وَإِلَّا فمنكر وَالرَّاجِح مَعْرُوف
وَإِن سلم من الْمُعَارضَة فمحكم
وَإِلَّا فَإِن أمكن الْجمع بَينهمَا فيسمى مُخْتَلف الحَدِيث كَحَدِيث (لَا عدوى وَلَا طيرة) مَعَ حَدِيث (فر من المجذوم فرارك من الْأسد)
وَإِلَّا فَإِن عرف الآخر مِنْهُمَا إِمَّا بِالنَّصِّ أَو بتصريح الصَّحَابِيّ بِهِ أَو بالتاريخ فالأخير نَاسخ والمتقدم مَنْسُوخ
وَإِن لم يعرف فإمَّا أَن يرجح أَحدهمَا بمرجح إِن أمكن أَو يُوقف عَن الْعَمَل حَتَّى يظْهر مُرَجّح وَذَلِكَ الْفَرد النسبي إِن وَافقه غَيره فَهُوَ المتابع فَإِن حصل للراوي فمتابعة تَامَّة أَو لشيخه فَصَاعِدا فالقاصرة وَيُسْتَفَاد بهَا التقوية
أَو متن يشببه إِمَّا فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَو فِي الْمَعْنى فَقَط من رِوَايَة آخر فشاهد وَخص قوم الْمُتَابَعَة بِمَا حصل بِاللَّفْظِ وَالشَّاهِد بِمَا حصل بِالْمَعْنَى
وتتبع الطّرق من الْمُحدث لذَلِك الحَدِيث اعْتِبَار
1 / 191
وَالثَّانِي أَعنِي الْمَرْدُود
إِمَّا أَن يكون رده لحذف بعض رجال الْإِسْنَاد
فَإِن كَانَ من مبادىء السَّنَد من تصرف مُصَنف سَوَاء كَانَ السَّاقِط وَاحِدًا أَو أَكثر فمعلق وَكَذَا إِذا سقط كل رِجَاله فَحكمه فِي صَحِيح البُخَارِيّ إِن أَتَى بقال أَو روى دلّ على أَنه ثَبت عِنْده أَو بيذكر وَيُقَال فَفِيهِ مقَال وَأما فِي غير صَحِيحه فمردود لَا يقبل
أَو من آخر السَّنَد من بعد التَّابِعِيّ أَو غير ذَلِك بِلَا شَرط الأولية والآخرية فمرسل لَا يحْتَج بِهِ غير مَرَاسِيل ابْن الْمسيب عِنْد الشَّافِعِي للْجَهْل بِحَال السَّاقِط إِذْ يحْتَمل أَن يكون صحابيا أَو تابعيا وعَلى الثَّانِي ضَعِيفا أَو ثِقَة وعَلى الثَّانِيَة حمله من صَحَابِيّ أَو تَابِعِيّ وهلم جرا وَهَذَا أولى مِمَّا قيل إِن الْمُرْسل مَا سقط فِيهِ الصَّحَابِيّ إِذْ الصَّحَابَة كلهم عدُول
والخفي من الْمُرْسل مَا يرويهِ عَمَّن عاصره وَلم يعرف أَنه لقِيه
أَو من أثْنَاء الْإِسْنَاد فَوق اثْنَيْنِ فَصَاعِدا متواليا فمعضل وَإِن لم يكن ذَلِك على سَبِيل التوالي بل من موضِعين أَو أَكثر فمنقطع
وَذَلِكَ السقط إِن وضح فمدرك بِعَدَمِ التلاقي وَإِن خَفِي بِحَيْثُ لَا يُدْرِكهُ إِلَّا الحذاق فمدلس وَالْفَاعِل مُدَلّس وَحكمه إِن كَانَ ثِقَة
1 / 192
لم يقبل إِلَّا مَا صرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ دون عَن وَقَالَ وَالْفرق بَينه وَبَين الْمُرْسل الْخَفي بالمعرفة وَعدمهَا
أَو يكون رده لطعن فِي الرَّاوِي
فَإِن كَانَ لكذب فِي الحَدِيث تعمدا فموضوع وَتحرم رِوَايَته إِلَّا ببيات حَاله قيل إِلَّا فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة
وَيعرف ذَلِك بِالْإِقْرَارِ والقرائن بِأَن يكون مناقضا للنَّص أَو السّنة أَو الْإِجْمَاع أَو صَرِيح الْعقل أَو يُؤْخَذ من حَال الرَّاوِي كَمَا وَقع لغياث بن إِبْرَاهِيم أَو بالإختراع من عِنْده أَو من غَيره إِمَّا بعض السّلف أَو قدماء الْحُكَمَاء أَو بعض الْإسْرَائِيلِيات إِمَّا لعدم الدّين أَو غَلَبَة الْجَهْل أَو فرط العصبية أَو يكون ذَلِك لتهمة الرَّاوِي بِالْكَذِبِ بمخالفته للقواعد الْمَعْلُومَة أَو عرف بِهِ فِي كَلَامه
وَإِن لم يظْهر فمتروك وَهُوَ دون الأول
1 / 193
أَو فحش غلط أَو غَفلَة عَن الإتقان أَو فسق بِالْفِعْلِ أَو بالْقَوْل فمنكر
أَو وهم فَإِن اطلع عَلَيْهِ بعد مزِيد فحص من هُوَ أهل نقد هَذِه الصِّنَاعَة على قَادِح إِمَّا إلهاما مَحْضا أَو غير ذَلِك فمعلل إِمَّا صَحِيح الْمَتْن والإسناد أَو أَحدهمَا والقدح فِي أَحدهمَا قدح فِي الْكل
أَو مُخَالفَة بتغيير سِيَاق السَّنَد بِأَن يرْوى بمتنين مُخْتَلفين لَهما إسنادان بِوَاحِد أَو يروي أَحدهمَا وَيزِيد فِيهِ من الآخر مَا لَيْسَ فِي الأول وَنَحْو ذَلِك من الصُّور فمدرج السَّنَد
أَو بمدمج مَوْقُوف من كَلَام الصَّحَابِيّ بمرفوع من كَلَام النَّبِي ﷺ أول الحَدِيث أَو آخِره أَو وَسطه فمدرج الْمَتْن وَيعرف بتصريح الرَّاوِي وَغير ذَلِك
أَو بِتَقْدِيم وَتَأْخِير إِمَّا فِي الْإِسْنَاد أَو فِي الْمَتْن فمقلوب كرمة بن كَعْب وَكَعب بن مرّة وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة ﵁ فِي السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله فِي ظلّ عَرْشه (وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم يَمِينه مَا تنْفق شِمَاله)
أَو بِزِيَاد راو فِي أثْنَاء الْإِسْنَاد فمزيد
1 / 194
أَو بإبدال إِمَّا لراو أَو لفظ بآخر مَعَ عدم الْمُرَجح لإحدى الرِّوَايَتَيْنِ على الْأُخْرَى فمضطرب وَإِذا كَانَ أَحدهمَا مرجحا بِحِفْظ وَنَحْوه فالعمدة على الرَّاجِح
وَقد يَقع ذَلِك عمدا امتحانا وَهُوَ جَائِز بانتهاء الْحَاجة إِلَيْهِ
أَو بتغيير نقط إِمَّا فِي الْإِسْنَاد أَو الْمَتْن فمصحف كعتبة بن الندر بالنُّون وَالدَّال بِالْبَاء والذال وَحَدِيث (من صَامَ رَمَضَان وَاتبعهُ سِتا من شَوَّال) فَقَالَ شَيْئا من شَوَّال
أَو تَغْيِير شكل فمحرف كسليم بِالضَّمِّ بسليم بِالْفَتْح أَو عَكسه
وَالْأولَى إتْيَان الحَدِيث بِلَفْظِهِ أَو تَمَامه وَلَا يجوز إِبْدَاله بمرادف لَهُ أَو نَقصه إِلَّا لعالم بمدلولات الْأَلْفَاظ لأمنه من الْإِبْدَال بِمَا لَا يُطَابق إِلَّا فِيمَا تعبد بِلَفْظِهِ كالأذكار أَو من جَوَامِع الْكَلم
فَإِن كَانَ فِي معنى الحَدِيث خَفَاء إِمَّا أَن يكون اللَّفْظ مُسْتَعْملا بقلة لَكِن فِي مَدْلُوله دقة احْتِيجَ إِلَى مطالعة كتب الْغَرِيب ك النِّهَايَة وَالْفَائِق
أَو بِكَثْرَة مَعَ الدقة فِي مَدْلُوله احْتِيجَ إِلَى المؤلفات فِي الْمُشكل ك كتاب الطَّحَاوِيّ وَغَيره
1 / 195
وَذَلِكَ الرَّد إِمَّا أَن يكون لجَهَالَة الرَّاوِي إِمَّا بِذكر نَعته الْخَفي من اسْم أَو كنية أَو لقب أَو صَنْعَة أَو حِرْفَة دون مَا اشْتهر بِهِ لغَرَض أَو قلَّة رِوَايَته بِأَن لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد وَقد صنف فِيهِ
أَو إِبْهَام اسْمه اختصارا من الرَّاوِي وَيعرف بوروده مُسَمّى من طَرِيق آخر أَو لفظ تعديله فمبهم وَلَا يقبل مَا لم يسم فَإِن سمي الرَّاوِي وَانْفَرَدَ عَنهُ بالراوية وَاحِد لم يرو عَنهُ غَيره فمجهول الْعين لَا يقبل أَيْضا إِلَّا إِذا كَانَ يوثقه غير من يتفرد عَنهُ وَكَذَا من يتفرد عَنهُ إِذا كَانَ أَهلا لذَلِك
وَإِن روى عَنهُ أَكثر وَلم يوثق وَلم يجرح بل سكت عَنهُ فمجهول الْحَال وَهُوَ المستور وَقد قبله جمَاعَة ورده الْجُمْهُور وَقيل بالتوقف وَهُوَ التَّحْقِيق
وَإِن كَانَ ذَلِك الرَّد لبدعة فالمبتدع إِن كفر فَوَاضِح أَنه لَا يقبل وَإِلَّا قبل وَإِلَّا لبطل كثير من الْأَحْكَام إِلَّا سَاب الشَّيْخَيْنِ والرافضة مُطلقًا مَا لم يكن دَاعِيَة إِلَى بدعته أَو مُوَافقَة مذْهبه واعتقاده وَإِلَّا رد للتُّهمَةِ وَهُوَ الْمُخْتَار
أَو لسوء حفظ فِي الرَّاوِي وَالْمرَاد بِهِ عدم التَّرْجِيح فِي جَانب إِصَابَته على خطئه فَإِن كَانَ ذَلِك لَازِما لَهُ فشاذ على رَأْي وَإِلَّا فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ لكبر أَو مرض أَو ذهَاب بصر أَو احتراف كتب فمختلط وَحكمه قبُول مَا قبله ورد مَا حدث بعده فَإِن لم يتَمَيَّز وقف
1 / 196
والإسناد إِن انْتهى أَو إِلَى صَحَابِيّ وَهُوَ من لقِيه ﷺ مُؤمنا وَمَات عَلَيْهِ وَإِن تخللت ردة إِن لم يكن أَخذه من غَيره ﷺ مِمَّا لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ وَلَا لَهُ تعلق بِبَيَان لُغَة أَو شرح غَرِيب فمرفوع
وَإِلَّا فموقوف أَو إِلَى تَابِعِيّ فَمن بعده فمقطوع ومنقطع وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْأَثر والمسند فَإِن قل عدد رجال الْإِسْنَاد إِلَى النَّبِي ﷺ انْتِهَاء فعلو مُطلق أَو إِلَى إِمَام من الْأَئِمَّة فعلو نسبي وَإِن وصل ذَلِك الْإِسْنَاد إِلَى شيخ مُصَنف من غير طَرِيقه فموافقة أَو شيخ شَيْخه فَصَاعِدا فبدل فَإِن اسْتَوَى بعد الشَّيْخ الْمُجْتَمع فِيهِ أَولا فواسطة بَينهمَا وَهُوَ الْأَقْوَى وَإِن سَاوَى عدد إِسْنَاده عدد إِسْنَاد أحد المصنفين فمساواة وَهُوَ مَعْدُوم
أَو سَاوَى تلميذ أحد المصنفين فمصافحة تجوزا وهما من قسم الْعُلُوّ الْمُطلق لَا النسبي كَمَا قيل
ويقابل الْعُلُوّ النُّزُول
أَو تشارك الرَّاوِي وَمن روى عَنهُ فِي أَمر مثل السن واللقي فرواية الأقران
أَو روى كل من القرينين عَن الآخر فمدبج وَهُوَ أخص
1 / 197
مِمَّا قبله كراوية أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة ﵄ وَبِالْعَكْسِ
أَو روى عَمَّن هُوَ دونه فِي مرتبَة الآخذين عَنهُ فرواية أكَابِر عَن أصاغر كَرِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن مَالك وَمِنْه رِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء وَالصَّحَابَة عَن الأتباع كَرِوَايَة الْعَبَّاس عَن ابْنه الْفضل وَرِوَايَة العبادلة الْأَرْبَعَة عَن كَعْب الْأَحْبَار وَعكس ذَلِك كثير كَرِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده
وَإِن تقدم موت قرينين اشْتَركَا فِي الْأَخْذ عَن شيخ فسابق ولاحق كسماع الذَّهَبِيّ عَن التنوخي والتحديث عَنهُ وَمَات سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مئة وَآخر من مَاتَ من أَصْحَاب التنوخي الشهَاب الشاوي مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثمان مئة
1 / 198
أَو اتّفق الروَاة فِي صِيغ الْأَدَاء وَغَيرهَا من الْحَالَات القولية أَو الفعلية فمسلسل إِمَّا فِي الْإِسْنَاد كُله كالمسلسل بالحفاظ أَو بِأخذ اللِّحْيَة أَو بِالْإِيمَان بِالْقدرِ وَغير ذَلِك
أَو فِي معظمه بتاريخ الرِّوَايَة كالمسلسل بالأولية لانتهائها إِلَى سُفْيَان على الصَّحِيح والمسلسل بالآخرية أَو بِزَمن الرِّوَايَة كالعيد وَالْخَمِيس أَو بمحلها كالملتزم النفيس أَو كَونه وَحده
1 / 200
حِين التَّحَمُّل عَن شَيْخه الْعُمْدَة أَو بِصفة الرَّاوِي الحالية كَكَوْنِهِ معمرا أَو مصريا أَو يمنيا أَو شاميا أَو اسْمه مُحَمَّدًا أَو مِمَّن ذكر بكنيته أَو عينت نسبته
وَمن المسلسل بِالصّفةِ القولية قِرَاءَة الصَّفّ وَإِنِّي أحبك فَقل وبالصفة الفعلية كالكتابة بالمروي والمصافحة والمشابكة
وَمن المسلسل بِصِيغَة الرِّوَايَة كسمعت وقرأت وأنشدت
أَو اسْما فَقَط إِمَّا مَعَ اسْم الْأَب كالخليل بن أَحْمد سِتَّة أَو مَعَ الْجد كأحمد بن جَعْفَر بن حمدَان أَرْبَعَة
أَو مَعَ الكنية كَأبي بكر بن عَيَّاش ثَلَاثَة أَو مَعَ النِّسْبَة كالحنفي إِلَى الْمَذْهَب وَإِلَى الْقَبِيلَة فمتفق ومفترق
أَو اتّفقت أَو اتفقَا خطا لَا لفظا فمؤتلف ومختلف كسلام بِالتَّشْدِيدِ وَسَلام بِالتَّخْفِيفِ الْآبَاء خطا مَعَ اتِّفَاق الْأَسْمَاء كموسى بن عَليّ بِفَتْح الْعين ومُوسَى بن عَليّ بضَمهَا
أَو عَكسه كشريح وسريج بن النُّعْمَان فمتشابهة ويتبين باختصاص من الرَّاوِي وَإِلَّا فَيرجع إِلَى الْقَرَائِن وَالظَّن الْغَالِب
1 / 201
وَإِن جحد الشَّيْخ مَرْوِيّ راو عَنهُ جزما رد ذَلِك الْخَبَر أَو احْتِمَالا قبل حملا على نسيانه
وصيغ الْأَدَاء الَّتِي يرْوى بهَا الحَدِيث سَمِعت وحَدثني لما تحمل من لفظ الشَّيْخ وَالْأول أصرح وَالثَّانِي إِذا جمع فَمَعَ غَيره أَو للتعظيم وَقد يُطلق على الْإِجَازَة تدليسا
وَأَخْبرنِي وقرأت للقارىء على الشَّيْخ بِنَفسِهِ وَالْأول إِن جمع فكقرىء عَلَيْهِ وَأَنا أسمع
وَعَن وَأخْبرنَا على قَول للإجازة مُطلقًا وقرىء عَلَيْهِ وَأَنا أسمع بِشَرْط المشافهة وأنبأ إِذا كتب بهَا إِلَيْهِ من بلد وَيجوز اسْتِعْمَال الْإِخْبَار فِيهَا مُقَيّدا بقوله إجَازَة أَو مشافهة أَو كِتَابَة أَو إِذْنا وَنَحْو ذَلِك ومطلقا عِنْد قوم
وَأَرْفَع أَنْوَاع الْإِجَازَة الْمُقَارنَة للمناولة لما فِيهَا من التَّعْيِين وشرطت لَهَا وللوجادة وَالْوَصِيَّة والإعلام فَلَا تصح الرِّوَايَة فِي هَذِه الصُّور إِلَّا إِذا اقترنت بهَا
وَمِمَّا يتَعَيَّن معرفَة طَبَقَات الراوة وبلدانهم للأمن من الِاشْتِبَاه وأحوالهم تعديلا وتجريحا وجهالة ومراتبهما ليعرف من يرد حَدِيثه مِمَّن يعْتَبر
وَأَرْفَع مَرَاتِب التَّعْدِيل الْوَصْف بِصِيغَة الْمُبَالغَة كأوثق
1 / 202
النَّاس أثبت النَّاس إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي التثبت والمكرر كثقة ثَبت أَو ثِقَة حَافظ أَو ثِقَة حجَّة أَو ثِقَة متقن وَنَحْو ذَلِك
ويليها لَيْسَ بِهِ بَأْس لَا بَأْس بِهِ صَدُوق مَأْمُون خِيَار
ويليها مَحَله الصدْق رُوِيَ عَنهُ شيخ يرْوى حَدِيثه يعْتَبر بِهِ وسط صَالح الحَدِيث مقارب الحَدِيث جيد الحَدِيث حسن الحَدِيث
ويليها صُوَيْلِح صَدُوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ
وأسوأ مَرَاتِب التجريح ركن الْكَذِب كَذَّاب وَضاع دجال يكذب يضع
ويليها مُتَّهم بِالْكَذِبِ أَو بِالْوَضْعِ سَاقِط هَالك ذَاهِب مَتْرُوك تَرَكُوهُ فِيهِ نظر سكتوا عَنهُ لَا يعْتَبر بِهِ لَيْسَ بِثِقَة غير ثِقَة وَلَا مَأْمُون
ويليها مَرْدُود الحَدِيث ضَعِيف جدا واه بِمرَّة مطروح آرم بِهِ لَيْسَ بِشَيْء لَا يُسَاوِي شَيْئا
ويليها ضَعِيف مُنكر الحَدِيث مُضْطَرب الحَدِيث ضَعَّفُوهُ لَا يحْتَج بِهِ
ويليها فِيهِ مقَال لَيْسَ بِذَاكَ لَيْسَ بِالْقَوِيّ لَيْسَ بعمدة فِيهِ خلف مطعون فِيهِ سيء الْحِفْظ لين تكلمُوا فِيهِ فِيهِ أدنى مقَال
1 / 203
ويثبتان بقول وَاحِد على الصَّحِيح وَإِن اجْتمعَا فِي شخص فالجرح مقدم بِشُرُوط وَإِن تعدد الْمعدل
وَمَعْرِفَة الْأَسْمَاء الْمُجَرَّدَة والكنى بِجَمِيعِ أَنْوَاعهَا وَهِي ثَلَاثَة عشر والألقاب وأسبابها كالأعمش والأعرج والضال والانتساب إِلَى وَطن أَو حِرْفَة أَو صناعَة كالخياط وَالْبَزَّاز والمنسوب إِلَى غير أَبِيه كالمقداد بن الْأسود وَإِسْمَاعِيل بن علية وَمن وَافق اسْمه اسْم أَبِيه وجده كالحسن بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَو اسْم شَيْخه وَشَيخ شَيْخه كَرِوَايَة عمرَان الْقصير عَن عمرَان بن رَجَاء عَن عمرَان بن حُصَيْن اَوْ اسْم راوية وَشَيْخه كالبخاري بَين مُسلمين
1 / 204
والموالي من أَعلَى وأسفل بِالرّقِّ أَو الْحلف أَو بِالْإِسْلَامِ وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات سَوَاء ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة
آدَاب الشَّيْخ والطالب مِنْهَا مَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ كتصحيح النِّيَّة والتطهر من أغراض الدُّنْيَا وتحسين الْخلق
وَمِنْهَا مَا ينْفَرد بِهِ أَحدهمَا
فالشيخ فِي الإسماع إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ والإرشاد إِلَى من هُوَ أولى مِنْهُ وَعدم التحديث قَائِما وَلَا عجلا وَلَا فِي الطَّرِيق
والطالب فِي توقير الشَّيْخ وإرشاد الْغَيْر لما سَمعه وَعدم ترك الاستفادة لحياء أَو تكبر وَكِتَابَة مَا سمع والاعتناء بالتقييد والضبط والمذاكرة بالمحفوظة
وَسن التَّحَمُّل وَوَقته بِالنِّسْبَةِ إِلَى السماع التَّمْيِيز وَيحصل غَالِبا باستكمال خمس وَمَا دونه فحضور وَسن الْأَدَاء وَلَا حد لَهُ بل مَتى تأهل لذَلِك فَقيل خَمْسُونَ وَلَا يُنكر عِنْد الْأَرْبَعين وَإِذا كَانَ بارعا فَمَا بَين عشْرين وَثَلَاثِينَ أَو عشرُون
وَكِتَابَة الحَدِيث ومقابلته مَعَ نَفسه أَو مَعَ شَيْخه أَو مَعَ ثِقَة غَيره
وسماعه من أصل شَيْخه أَو فرع قوبل عَلَيْهِ وتصنيفه مَعَ مُرَاعَاة التَّرْتِيب وتبيين اخْتِلَاف النقلَة إِذا تأهل وأسبابه وَترجع تِلْكَ الْأَنْوَاع كلهَا إِلَى النَّقْل فَليرْجع إِلَى مؤلفاتها المبسوطة ليحصل الْوُقُوف على حقائقها وَالله أعلم
1 / 207