من كتابة مسودة هذه المجلدات جميعا، أم أن المنية حالت بينه وبين ذلك، ثم نحن لا ندري الآن ماذا تحتل المجلدات الموجودة من حجم الكتاب الاصلي، لانها في وضعها الحالي هي على غير الحال التي كانت عليه حين صنفها ابن العديم:
«أوراقها مدشوته» وقد أخذ كل جزء من أجزائها مكانا غير مكانه، ويعني هذا انها كانت قبل تسفيرها الاخير عبارة عن مجموعة من الاجزاء والاوراق، وأن الذي تولى تسفيرها لم يكن من ذوي العلم والدراية
ليس في نيتي القيام بوصف هذه المجلدات العشر بشكل مسهب في هذا البحث بل أنني سأدع ذلك كله الى بحث متكامل أصنعه عن ابن العديم وعن كتابه بغية الطلب، وسأقوم-بعونه تعالى-بالحاق هذا البحث بفهارس الكتاب العامة وذلك بعد ما أفرغ من نشره.
ومن حسن الحظ أن الموجود من كتاب بغية الطلب فيه المجلدة الاولى مع المجلدة الاخيرة منه، وهذا سيمكننا من التعرف على الخطة العامة للكتاب، وهي خطة اقتبسها ابن العديم من كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر، فقد أوقف ابن العديم المجلدة الاولى من الكتاب على الحديث عن فضائل شمالي بلاد الشام مع وصفها الجغرافي وأخيرا أخبار فتوحها على أيدي المسلمين، وبعد ذلك أخذ يترجم لاعلام شمال بلاد الشام ممن ولد هناك أو مر أو سكن أو …، على حروف المعجم ولم يقتصر على أعلام حقب تاريخ الاسلام بل تناول أعلام ما قبل الاسلام مثل الفيلسوف أرسطو وسواه.
ويختلف عمل ابن العديم عن عمل «أستاذه» ابن عساكر، كاختلاف مهنتيهما مع سيرة حياتهما، فابن عساكر كان محدثا أولا وآخرا، وابن العديم كان سياسيا وريث أسرة عريقة جمعت بين العلم والقضاء والحكم والسياسة والتجارة والنشاط الزراعي.
1 / 7