فخص الفساد بمن يبدلها بالدال ؛ لبعد مخرجها عنها في الجملة ، وعدم التشابه بينهما لفظا ، وقال في السراج الوهاج شرح القدوري : إذا أخطأ القارئ ، فأدخل حرفا مكان حرف ، نظرت إن كان بينهما قرب في المخرج ، أو كانا من مخرج واحد ، لا تفسد صلاته ، كما إذا قرأ فلا تكهر ، وأما إذا قرأ مكان الضاد دالا وعلى العكس ، تفسد صلاته ، وعليه أكثر / العلماء ، وعن محمد بن سلمة لا تفسد ، لأن العجم لا يميزون بين ذلك ، وفي17 أالفتاوى البزازية : الأصل أنه إن أمكن الفصل بين الحرفين بلا كلفة كالصاد مع الطاء المهملة ، كأن قرأ الطالحات مكان الصالحات فسدت عند الكل ، وإن لم يكن إلا بمشقة كالظاء المعجمة مع الضاد، والصاد مع السين ، والطاء مع التاء اختلفوا ، والأكثر على أنها لا تفسد ، لعموم البلوى ، وعن أبي منصور العراقي : كل كلمة فيها غين ، أو خاء ، أو كاف ، أو قاف ، أو طاء ، أو تاء ، وفيها سين أو صاد ، فقرأ السين مكان الصاد ، أو بالعكس جاز ، وإن لم يكن واحد من هذه الحروف مع السين أو الصاد ، وتغير المعنى ، نحو الصمد بالسين ، أو المغضوب بالظاء ، أو الضالين بالذال أو الظاء ، قيل لا تفسد ؛ لعموم البلوى، فإن العوام لا يعرفون مخارج الحروف ، وكثير من المشايخ كالإمام الضفار ، ومحمد بن سلمة أفتوا به ، وأطلق البعض القول بالفساد إن تغير المعنى ، وقال القاضي أبو الحسن ، والقاضي أبو عاصم : إن تعمد فسد، وإن جرى على لسانه ، أو كان لا يعرف التمييز لا تفسد ، وهو أعدل الأقاويل ، وهو / المختار ، وفي فتاوى الحجة : 17ب ولو قال [ ولا الضالين ] (¬1) بالظاء ، غير المغذوب بالذال ، أو بالدال ، قال أبو مطيع : تفسد صلاته ، وتابعه كثير من المشايخ ، لأن الظاء غير الضاد ، فكأنه قرأ حرفا آخر ، وقال : كان صاحب المضمرات يفتي في حق الفقهاء ، ومن يعرف الفرق بقول أبي مطيع بإعادة الصلاة ويفتي في حق العوام بقول محمد بن سلمة اختيارا للاحتياط في موضعه ، والرخصة في موضعها ، انتهى .
فالحاصل أن فيه ثلاثة أقوال : قول بالصحة مطلقا ، وقول بالفساد مطلقا ، وقول بالتفصيل ، وهو الذي عليه التعويل ، وهو أن يفتي في حق العوام ، ومن هو بمخارج الحروف جاهل بالصحة ، وبعدم الصحة في حق الفقهاء ، ودون الفضائل ، فنقول بعد إرخاء العنان عن مراعاة قول أكثر العلماء الأماثل : من أراد أن يرفع نفسه عن منزل العوام السافل ، ويكون من ذوي الفضل الكامل ، فعليه سلوك ما أوضحناه من المنهج ، والعمل بما أفصحناه عما لهذا الحرف من الصفة والمخرج ، والتعمل فيه فالجهد يفتح كل باب مرتج ، والتأمل إلصاق مع الإنصاف ليظهر/ له الخالص من النبهرج ، فما كل 18أ سوداء فحمة ، ولا بيضاء شحمة ، ومن قصد الحق وهو في طلبه على علي الهمة إذا شام سبيلا إليه أمه كائنا من كان من دل عليه ، وقال له أمه ، ولا يقول إنا وجدنا آباءنا على أمة ، فإن الله تعالى قد لام قائله وذمه ، فإن وصل بالتأمل والتعمل إلى تجويد اللفظ به ، والتحقيق فليشكر لمولاه على حسن التوفيق ، وإلا فهو بقبول العذر حقيق .
هذا ما تيسر لي من التعليق ، مع قلة الزاد في هذا الطريق ، وكثرة موجبات التعويق ، ومراعاة الإيجاز ، ومجانبة التطويل ، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل ، تمت الرسالة بعون الله وتوفيقه .
من هنا إلى آخره نقل من كتاب سيبويه للسيرافي (¬1)
قال سيبويه : هذا باب عدد الحروف العربية ومخارجها ، ومهموسها ، ومجهورها وأحوال مجهورها ومهموسها ، واختلافها .
... فأصل الحروف العربية تسعة وعشرون حرفا :
Page 21