134

Bughyat al-Ra'id limā Taḍammanah Ḥadīth Umm Zar‘ min al-Fawā’id

بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد ت الدسوقي

Enquêteur

أبو داود أيمن بن حامد بن نصير الدسوقي

Maison d'édition

دار الذخائر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Genres

فِقْهُهُ:
استدَلَّ بعضُ العلماءِ مِنْ هذا الحديثِ على أنَّ ذكرَ السُّوءِ والعَيبِ إذا ذكَرَهُ أحدٌ فيمَنْ لا يُعرفُ بعينِهِ واسمِهِ أنَّه ليس / بِغِيْبَةٍ، وإنَّما الغِيبَةُ: أنْ تقصِدَ مُعيَّنًا بما يكرَهُ؛ فإنَّ النبيَّ ﷺ قد حكَى عن بعضِ هَؤُلاءِ النِّسوةِ مَا ذكرْنَهُ مِنْ عَيْبِ أزواجِهِنَّ، ولا يَحكِي عن نفسِهِ أو غيرِهِ ﷺ إلَّا ما يجوزُ ويُباحُ، وقال مثلَ ذلِك أبُو سُليمانَ الخَطَّابِيُّ (^١).
ورأيتُ شيخَنَا الإمامَ أبَا عبدِ اللهِ محمَّدَ بنِ عليٍّ التَّمِيمِيَّ (^٢) لا يرتَضِي هذا القولَ / وقال: «إنَّما كانَ يكونُ هذا حجَّةٌ لو سمِعَ النبيُّ ﷺ / امرأةً تغتابُ زوجَهَا ولا تُسمِّيه فأقرَّها عليه، وأمَّا هذه الحكايةُ عن نساءٍ مجهولاتٍ غيرِ حاضراتٍ يُنكِرُ عليهِنَّ فليس بحُجَّةٍ في جواز ذلك، وحالُهُنَّ كحالِ مَنْ قال: في العالَمِ مَنْ يسرقُ ويزنِي، فلا يكونُ غِيبَةً، قال: ولكنَّ المسألةَ لو نزلتْ فوصفتْ امرأةٌ زوجَهَا بما هو غِيبَةٌ وهو معروفٌ عند السَّامعِ فإنَّ ذلك ممنوعٌ، ولو كان مجهولًا لكانَ لا حرَجَ فيه على رأي بعضهم الَّذي قدَّمنَاهُ، قال: وللنَّظرِ فيه مجالٌ».
قال الفَقِيهُ القَاضِي أَبُو الفَضْلِ أَعْلى اللهُ قَدْرَهُ:
وما قالَهُ الشَّيخُ ﵁ فيه للنَّظرِ أيضًا مجالٌ عندِي، وتحقيقُ المسألةِ: أنَّ فائدةَ النَّهي عن الغِيبةِ حمايةٌ عن أذى المؤمنِ، فإذا ذَكرَ المجهولين عند القائلِ والسَّامعِ بالقبيحِ دونَ أنْ يُذكَرَ لهم اسمٌ أو وصفٌ عساهم أنْ يعرفَهُم به غيرُهُما، ليس بغِيبةٍ؛ لأنَّ مثلَ هذَا لا يَصِلُ به أذًى للمقولِ فيه، إذ لا يتأذَّى إلَّا

(^١) «أعلام الحديث» (٣/ ٢٠٠٠).
(^٢) هو الإمام المازري، وقد قال ذلك في «المعلم» (٣/ ٢٦٢)

1 / 137